بُـهـلا مدينة سحابها النخيل من كثافته .. حيث تنشقُّ من بين أراضيها أفلاج يفوق عددها الـ ١٠٠ فلجاً ما بين الحي والمندثر منها وأشهرها فلج الميتا ( الميثاء ) غير ذلك تتواجد بها العيون المائية العديدة أشهرها ( عين وضاح ) للإستشفاء منه ، مسوّرة بجبال شاهقة من معظم الجهات المحيطة بها ، واحة خضراء تاريخية العمران بعراقتها التي يجهل الكثير عن تاريخ نشأتها ، يلتف حولها سـور عريق المنشأ تم إنشاءه بإستحكام دفاعي دقيق ومحصن يبلغ طولة ٧ أميال أي ما يقارب ١٢كم ، وعلى بعد ١٠كم من المدينة يقع حصن جبرين الذي يجمع بين جمال القصور وفخامة الحصون بناه الإمام بلعرب بن سلطان سنة ١٦٧٠م ليكون قصراً جميلاً لإقامته ومقراً لتدريس العلوم الإسلامية واللغة والأدب والعلوم الأخرى ، ومن جماليات البناء في الحصن غُرفها وتشتهر بها غرفتي الشمس والقمر وسميت كذلك لدخول الأضواء الشمسية والقمرية ليلاً ونهاراً على مدار طوال اليوم .
بُـهـلا مدينة فخّارية مسوّرة إشتهرت وإنفردت بصناعة الفخّار توجد بها قرابة الـ ١٨ حارة ومصانعها الشهيرة كمصنع النسيج والقطن والصوف وصباغة الملابس وصناعة السكر الأحمر وصناعة السعفيات وصناعة الفضيات ، حيث يتوزع عبر سـورها الصلب سبعة أبواب متفرقة ولكل منها مسمى ما بين الأودية والسهول والتلال وبهذا السور المحيط بها أبراج دفاعية وأماكن مخصصة للرماة وغرف للعسكر وأماكن للخيل ، وتُعد المدينة المسورة من أبرز معالم الواحة والتي تم تصنيفها ضمن أجمل المدن المسورة في العالم كمثيلاتها في كرواتيا وفرنسا .
بُـهـلا مدينة العِلم بمدرسة الإمام البليغ العالِم الأزدي الثري بعطاءه للعلم وطلبته ( مدرسة محمد بن بركة ) والبهلاوي السخي الكريم الذي إشتهر ببناء المساجد في بُـهـلا وقد تخرج من تحت راية عِلمه العديد من طلاب العِلم الذي تم إستقطابهم من عدة دول عربية وأصبحوا علماء ومؤرخيين فيما بعد والكثير من العلماء العُمانيون الذي يفوق عددهم الـ ١٥٠ عالماً .
بُـهـلا مدينة التواصل والتقارب والفضل يعود لموقعها الوسطي الذي يربط عدة مُدن بشتى نواحيها العلمية والحضارية والتراثية والتجارية ، تحدها من الشرق مدينة نزوى ( توأم بُهلا ) ومن الغرب مدينة عبري أما من جهة الجنوب تجاورها مدينة أدم ومن الشمال مدينة الحمراء حيث تقع مدبنة بُهلا بجوف محافظة الداخلية وتبعد عن العاصمة مسقط ما يقارب الـ ٢٠٠كم وذلك يُمكّـن الزائر الوصول إليها خلال ساعتين بالطريق .
بُـهـلا مدينة سياحية من الطراز الأول ما أن تصل إليها وتحديدا بـ ( واحـة بُهلا ) ستنتقل إلى العصور القديمة بعناصرها المميزة كـ قلعة بُهلا والمسجد الجامع والزخارف المنحوته ومدارس القرآن والأسواق التقليدية ، وما يبرز القلعة الجامع القديم الذي يتوسط الواحة على إرتفاع تلة مما يظهر شموخها وعلوها ، لنا في سلطنة عُمان الكثير من القلاع والحصون التي أنشأت بشكل معماري وهندسي ومن الحضارات القديمة لكن لا شبيه لـ ( واحة بُهلا ) ، فهي بنيت بشكل مثلث من طين وبعد إكتشاف علماء الآثار عن طريقة بناء القلعة تبين في ذلك أنها بُنيت من طين فقط وندر إستخدام الصاروج الذي تم استخدامه في بقية القلاع .
بٌـهـلا مدينة تاريخية بإكتشافاتها المتنوعة والمرتبطة بعدة حضارات يصعب على المرء تحديد تاريخها ونشأتها وفترات الحكم بها ، حيث تم الكشف عن طبقات إستيطانية متنوعة قد تعود فترات إنشاءها إلى ما قبل الإسلام والقرون الأولى ، فقد عُثر على قطعة مزخرفة من الحجر الصابوني وعلى جرة كبيرة من الفخار لتخزين التمور أو جمع العسل وقطع من الفخار المحلي ، وتم العثور على قطع من الفخار والبورسلين الصيني والعملات النادرة المنقوش عليها تاريخ أزمنتها ، وتمثال مهشّم من الفخار لفارسٍ يمتطي جواداً وهذا النوع من التماثيل قد يعود إلى التأثيرات الساسانية حسب ما سرده ودونه عُلماء الآثار ولا زالت الإكتشافات مستمره عن هُويّة غامضه .
بُـهـلا مدينة السِّحر أو كما يُطلق ومُشاع عند البعض أنها مدرسةٌ للسَّحرة ، نعم هي مدينةُ السِّحر والسَّحرة ما أن تطأ قدميك بأرضها لا تستطيع الفرار من سَحرتها وسِحرهم فهي بمسمّاها جامعة للخير في أراضيها الساحرة وأناسها الذين يسحرون كل زائر بها بطيبتهم وودهم ولطفهم وعِلمهم ، هذه المدينة الساحرة التي بنت نفسها من طينها الطيب وثبتت شامخة مزدهرة على مر العصور من نشأتها حتى الآن ، وإن كان قد خُلق الإنسان من طين فـ بُهلا هي الإنسان نفسه وما أجمل من الطيبة سحراً ومن الطيب ساحراً فيها .
الكاتب : طـارق الصابري
سلطنة عُـمـان
1 comment
1 ping
منصور
14/02/2019 at 4:38 م[3] Link to this comment
مدينة بهلا كانت عاصمة عمان في زمن النباهنة ومازالت ذات شان عظيم كعظم تاريخها