خلق الله الإنسان ليعيش في الكون مع الخلق ، كبيرهم وصغيرهم فقيرهم وغنيهم تحت جو الكرامة الإنسانية والسعي إلى بقاء كيانها .
فوطن الإنسان مكان اعتزازه ، وبه يشعر انتماءه له، والتضحية من أجله ، لأنه ليس في الوجود مثيل له ، ولد فيه ، وترعرع فيه ، فكانت المحبة له نابعة من الوجدان .
ومتى أراد الوطن لأبنائه العيش السعيد فتح قلبه لهم ، ووسَّع صدره لهم من خلال حرية التعبير بالرأي ، وتشجيع المصلحين بعمارته ، وتثبيت بنيانه، والعكس محاربة المفسدين واستئصالهم .
ونحن في القرن الواحد والعشرين ، استطاع الإنسان أن يصل إلى عالم الفضاء ، ويستحدث التواصل الاجتماعي بطرقه المختلفة ، وكأن العالم في قبضة يد الإنسان لقربه وسرعة تعامله مع الإنسان .
فإذاكان الأمر كذلك ، ولكن هناك نوع من البشر غاب عنهم الوعي الكامل ، غلبت عليهم نفوسهم بالطمع ، فيستعبدون شعوبهم ، ويحرمونهم من حقوقهم ، فانتشرت الإستبدادية ، وانتشر الظلم والعدوان .
ويكتسب الإستبداد معنا ه السيء في النفس من كونه انفرادًا في أمر مشترك ، فإدارة الأمة وولايتها تعود اليها برضاها ، فإذاقام أحد وغلب الأمة وقهرها في أمر يهمها جميعا ، وانفرد بإدارتها دون رضاها ، فقد وقع في العدوان والطغيان.
وإذاماعدنا إلى القارة الإفريقية هي من تضررت أكثر من الإستعمار الغربي سواء كان الفرنسي أو البريطاني ، فذاقت ويلاتها الفكرية والعسكرية ، فتحررت منها بعد جهد وكفاح.
وبعد الإستقلال لم تذق الشعوب الإفريقية عذب ماء الحرية، وذلك أن من يقودها غالبيتهم درسوا في مدارس الغرب ورجعوا إلى أوطانهم ، فلم يستفيدوا من الغرب شيئا إلا لغتهم وتقليدهم في الملبس وفي جميع المظاهر ، أما حبهم لأوطانهم والعمل من أجله وفتح قنوات الحوار بينهم وبين شعوبهم فلا يعرفونه ، وهذا ماجعل الغرب يتمتع بالنمو والإزدهار والإستقرار السياسي والإقتصادي والثقافي والإجتماعي .فلم يستفيدوا شيئا منهم سوى اسكات أفواه المصلحين وتشجيع المفسدين ، وهذا ليس من الغرب في شيء ، النظام المستمر ، والوقوف أمام العدالة سواء ، حاكم ومحكوم .
من هذا المنطلق الاستبدادي نشأت الكراهية لأبناء الوطن الواحد فيما بينهم ، ووقع التناحر والتباغض ، فخرجت الجماعات المسلحة التي تريد الإنتقام من طغيان السلطة وإرادتها .
فَمَن الخاسر؟ الشعوب جميعا خسرت جراء طغيان الإستبداية ومنع الحرية.
فإذاتلاحمت القيادة مع الشعب ، وسهرت لأجل راحتها ، وفتحت أبوابها لقبول النصح والإرشاد سلمت الشعوب من الحروب ،وانشرحت الصدور واطمأنت القلوب ، وهذا مانجده في قيادة الملكة العربية السعودية منذ التأسيس تلاحم وتعاطف في ظل سقف الأخوة والمحبة الصادقة النابعة من حب الوطن وانتمائه له ولقيادته .
إمام وخطيب المركز الثقافي الإسلامي بدرانسي شمال بارييس في فرنسا