(أشتري كبير )
كنت سابقاً اسمع عن هذا المثل يُردد في المسلسلات وفي المقولات ، وكنت أتسآل؟ لماذا نشتري لنا كبير؟
وهل الكبارُ يُباعون ؟
نحن كباراً بما يجعلنا نستوعب الحياة ونفهم الدرس ، ونعيش حياتنا دون إرشاد أو توجيه لأننا نظن بما تعلمنا وبما جربنا .. اكتفينا!
قادرون على مواجهةِ الحياةِ بحلوها ومرها .
وكان هذا حوار دار بيني وبين أحدهم.
خلاصته أن لك عمل في هذه الحياة لابد من وجود ( كبير ) . وفق قواعد الأعمال ، ووفق مراسم التربية ، ووفق بروتوكولات المجتمعات .
فالعمل يحتاج إلى ( كبير ) وهو المرجع وصاحب القرار الأخير ،
والمشروع يحتاج إلى ( كبير ) والبيت يحتاج إلى كبير ، والعائلة تحتاج ال ( كبير )..
فهو إما مدير، أو شيخ ، أو أمير ، أو أم أو أب.... المهم أننا بحاجة في حياتنا إلى .. ( كبير ) .
زاد هذا الموضوع حينما أقّلب صفحات مواقع التواصل وأرى بعض عبارات الرثاء عن الفقد، وعن والحزن والنعي بموت كبير العائلة أو كبير البيت ( الأب ) . لم أفهم معنى عبارات الرثاء ، وآلآم حزن الأحرف والدموع التي بين السطور إلا بعد أن فقدت ( كبيري) (والدي يرحمه الله ورحم الله من فقدتم) .
حقيقة أني أشعر الآن ، ومن فقد أباه ، ولا يستشعر حقيقة دور الأب إلا من فقده ..
صدقني !!،
مهما فعلتَ وفعل لك والدك الآن لن تشعر به إلا بعد فقده ( أطال الله في اعمار والديكم ) .
وهذا ما استغربه ، كيف لنا ألا نكتشف هذا الحب الجارف ، والحنان النازف إلا متاخراً .
قلب الأب هبة الله الآمنه تشعرنا بعمق الأمان ، والسند والعضد لمواجهة مصاعب الحياة ، والمعطف والمئزر ليغطي سوئت قرارتنا، وغفلة حالنا .
حينما تعصرنا الحياة!! نتنهد.. ونقول: أين أنت يا أبي ؟ ، وحينما نتوه في دهاليز الأفكار لنصل إلى قرار!! نقول أين أنت يا أبي ؟
لا أنكر أبداً أن الفطرة السليمة ، واليد الحنونه ، وميل الغصن إلى جذع الشجرة، والنفس تجنح نحو الأم بما حملتنا وربتنا وارضعتنا . نستشعر ذلك ولا ننكره ومن ينكره إما جاحد أو عاق ("فالأم تحب من كل قلبها" ).
رغم حرص الأب وتعبهِ ، وكَدهِ ، وعملهِ وجهدهِ ، وحلهِ وترحالهِ ، وطيبتهِ وقسوتهِ، لا نشعر بذلك إلا حينما نحتاج .
نحتاج إلى كبير يوجهها، وإلى كبير يعلمنا ، وإلى كبيرٍ يُسنِدنا ، ويُساندنا .
يَقفُ خَلفنا ، يأخذُ بِيدنا .
" عندما تفقد الأب ( الكبير ) يفتقد الأبناءُ وجود ذلك البطل في حياتِهم الذي كان يقودهم بثبات إلى بر الأمان، فالأسرة كلها مع الأب في رحلة الحياة كراكبي قطار في سفر طويل، لايعرفون قيمة قائد القطار إلا عندما يتعطل بهم ، ويبدأ قائده في التفاني لإصلاحه وإعادة تشغيله رغم ضخامته فالأب وحده هو الذي لا يحسد ابنه على موهبته وتفوقه، بل بتفوقه يتباهى ويفرح ويفاخر .
الأب وحده هو الذي يُخفي أخطاءَ إبناءهِ ويغفرها وينساها.
والأبُ وحدهُ هو الذي يتمنى أن يكون ابناؤه أفضل منه في حياته .
تأنيب الأب لنا مؤلم في حينه، لكنه دواء حلو المذاق بعد التعلم منه والتماثل للشفاء والاستقامة.
توييخ الأب مُحرج أمامَ أصدقائنا في زمانهِ إلا أنه درس لنا لبقية حياتنا .
توجيه الأب يصدر من جوار قلبه لا من جدار قلبه، إذ يتألم وهو يؤنب أبناءه.
مع كل تأنيب ..درس.
ومع كل توجيه ..عبره .
ومع كل توبيخ.. خارطة حياة .
ومع كل ألم.. ذكرى تربينا ، وتعلمنا.
قلب الأب هبة الله الرائعة ، (" فالأب يحب بكل قوته ")
فهو سند هذه الحياة ، ومدرسة لتجاربها ، يختصرها هو في عبارة أو قول أو توجيه.
أو شعور أنه بجابنا .
وغير كثير ..
يكفي أن بوجوده لنا.. كبير .
{ وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا }.
تحياتي
عثمان عطا
...............................................
(عطا) كيف السبيلُ..
كيف السبيلُ الى وصْلِكَ... وحُبِك ليسَ له مَثيلُ.
كيف أسوغُ الشعرَ بَقُربِك... أيا رجلا" تحيزُ له العقول.
هل اُبكيكَ
أم اُشكيكَ
فلا شكوى ،ولا شدوي إذا قَدمتَ يكفيكَ.
هل أُرقيكَ
أم أُعطيكَ
فلا نفعَ البكاءُ ولا التباهي.. إن كانَ رحيلكَ!.. هو الرحيلُ.
أيا وطنا"
أيا زمنا"
أيا تاريخا" .
أردد عنكَ ما أُسميه شعرا"
بحورَ الشعرِ وافرها بخيلُ..
أتذكركَ
أُقبلكَ
فكلُ شيٍ بعدكَ ذَليلُ.
صبٌر جميلُ
فحديثكُ
وصورتكُ
وتربيتكُ
لن تزول.
ما أحلاكَ تمشي
ما أحلاكَ حين تَميل .
ما أحلاكَ تَغفو..
ما أحلاكَ تَحنو
ما أحلاكَ تُعطي
وعُطاؤكَ... جميل.
كيف السبيلُ .. و أنت السبيلُ والسلسبيلُ.
نمْ مُطمئناً ف يد الله ترعاكَ .
الولدُ والحفيدُ
والشجرُ والجريدُ
حتى الطفل الوليد.
فمنْ حَمل أسمكُ لنْ ينساكَ .
أعطيتنا أسمكَ.
ومن أسمك أعطانا الله .. و أعطاك.
رضي الله عنك..وارضاك .
سَيذكرك
الزمانُ والمكانُ
سَيذكرك الكيلو والكيلوان
والثلاثة والاربعة والخمسة.
سَيذكركَ البحرُ الذي ردمت!!.
والطريق الذي مهدت!
والحواري التي سكنت.
ستَذكركَ الشوارع والطرقات .
سيذكركَ المعسل والدخان.
سيذكركَ الحمصُ وابو عاصي
وسيذكرك الداني والقاصي
سيذكرك بنو والمالي ..
وفتحي.. والكاتب.. والمصعبي.
سَيذكُرك الأمراءُ والوزراءُ
فلن تضيعَ تربيتك سداءُ
سَيذكرك كُل شِبر مررتَ به ؛
وأرضٌ تعطرت بقدميك.
كيف السبيلُ
وانا منكَ و إليك
منذ فارقتنا !! لم تفارقنا
تعيد بداخلنا ذكرى
لها وقعٌ... لها طعم جميل.
"ما احلاك نتهرني بشجب !
وشجبك كالأثير له قبول.
عُرفت بنسلك المعطاء دوماً
علي إيمانك الخير الجزيل
فما ضن الجدود على نزيل
وما ضنوا وانت لهم سليل "
نم مطمئناً ففي الركوع لك صلاة
وفي السجود ألف صلاة.
وفي كل صلاة لك صلاة.
نم مطمئناً فلك ذرية لن تنساك.
ابنك
عثمان