منذ سنوات طويلة مضت تمّ (تشويه ) أعلى مراتب القيّم الإنسانية على وجه هذه الأرض من قبل مجموعات أسميهم ( السطحيون) قاموا بتشويه (الحبّ ) السامي ، وأصبح الحبّ المشوه هو وسيلة لقصصهم المشوّه وخاصة الكتاب السطحيون بقصصهم التافهة التي لا تحمل أي معنى يمّت للواقع بصلة ، وكذلك الأفلام السينمائية على مدار مئة سنة استغلوا هذا الحب السامي ليصوروه بسطحية فاقت تلك القصص والروايات تفاهة وسطحية .
وحتى الأفلام التاريخية (حشروا فيها الحب حشراً وقاموا باختصار الحب السامي إلى حبّ الرجل والمرأة ...اختزلوا سحر هذا الكون وجماله الأخاذ الذي يولد الحب الراقي إلى مشاعر سطحية ، حتى أصبح مفهوم الحب لدى أبنائنا من هذا الجيل هو ذلك الحب المشوه السطحي وأصبحت الفتاة أو الشاب جلّ اهتمامهما هو البحث عن نصفه الآخر .
هذا التحريف الخطير أفقد شباب هذا الجيل (رومانسية الحب الحقيقي ) لما تم زرعه في مفاهيم الثقافة العامة المطروحة في سوق الفكر الجمعي .
ومن جانب آخر تمّ تناول هذا الحبّ المشوه من قبل من يدعون بأنهم (غيورين ) لدين الحق فقد قاموا بتحريم هذا الحبّ وتجريم فاعله وأفتوا بتحريم الحديث فيه بحجة أنه يميت القلب ويلهي عن العبادة وكأنهم اتفقوا مع السطحيون والتافهون برواياتهم المشوه عن الحب لأنّ الغيورين يقصدون أيضاً حب الرجل والمرأة ، واجتهدوا في اختراع مرادفات تغني عن الحب مثل المودّة والألفة وغير ذلك بحجة (درء الشبهات ) .... وهكذا تمّ إخراج صك ( شرعي ) بتشويه هذا الحب السامي ...فهل نحن نعيش في عالم الواقع مع هؤلاء أم أننا نعيش في عالم الخيال ؟
ونحن هنا نتساءل : هل هذا هو الحب بشكل عام أم هو جزء منه ؟ ونقول : الحب هو أكسير الحياة وبلسمها الشافي الحب يحمل ألواناً شتى لا تعد ولا تحصى من الألوان والتنوع الحب يتنوع ويتلون أكثر من أنواع الورد وألوانه وللحب رائحة وعطر ولون وروح ، فمن لم يذق الحبّ الحقيقي كيف يعرفه ؟ ...
نقرأ لفتاة على أدوات التواصل الاجتماعي تقول : فقدت طعم الحياة لأنّ نصفها الآخر تركها .. أو شاب زهد الحياة واسودت في عينيه لأن حبيبته هجرته ....كلام وتصرف عجيب من قبل شبابنا الذين تمّ تسميم أفكارهم وتحويل حياتهم إلى جحيم لأن من يحبه تركه وأصبح ساخطاً على كل شيء ولم يعلمه أحد ممن يختلطون به عن قرب بأنّ نعم الله عليه لا تعد ولا تحصى فكيف ينكرها كلها لأجل حدث لا يقدم ولا يؤخر في الحياة بل هو تجربة وسوف تمر عليه تجارب قد يشيب منها قبل أوانه .
هناك من فقد إحدى عينيه لكنه بقيت له أخرى وهناك من فقد إحدى رجليه بحادث بغضّ النظر إن كان متهوراً أو مسرعاً أو مخالفاً لأنظمة المرور ورغم ذلك يقولون بحبّ : الحمد لله ... يتقبلون فقدهم بحبّ وإيمان وتسليم ، الحبّ هو تلك السلسة المترابطة لو فقدت حلقة منها انفرط الباقي تلقائياً فاحذر أن تخسر الحبّ
لأجل خسارة تعوض آجلاً أو عاجلاً ، معاملتنا اليومية مع بعضنا إن لم يكن الحبّ قوامها فنحن أتعس الناس ، إن الأمراض العضوية والنفسية المتفشية في عصرنا هذا أغلب أسبابها عدم الحبّ وعدم التسامح ، الحبّ يحول الغضب إلى تسامح ، تعلموا الحبّ الحقيقي وعلموه أولادكم وبناتكم ، الصحة النفسية ملاكها الحبّ والتسامح جميع أمراض المجتمع النفسية قاطبة وبلا استثناء سببها ابتعادنا عن الحبّ الحقيقي .
يجب ألا نسمح لأحد مهما كان أن يشوه الحبّ الذي بداخلنا بتصرفاته إن كانت عن جهل وعدم معرفة أو كانت عن قصد ... يجب ألا نتنازل عن أهم قيمة أخلاقية في هذه الحياة وألا نسمح بأن يشوهها أحد فالحب هو حديقة قلوبنا الباطنية وكما تستنكر على من يقوم برمي مخلفات الورق والأكياس في أرض الحديقة العامة في الحي ، فعلينا أن نستنكر أيضاً من يقوم بترك مخلفات العيوب النفسية أن تشوه حديقة قلوبنا ...