منذأن أنزل الله قوله تعالى (( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا)) ختم الله رسالة نبيناعليه الصلاة والسلام بعد مسيرة قصيرة عمرها ، فدخل الناس في دين الله أفواجا.
فهداية الله لعباده مستمرة إلى قيام الساعة بجهود العلماء الراسخين أولي الابصار الثابتين الصابرين المحتسبين الأجر من عند الله تعالى.
فإذاكان العلماء هم دعائم الأمم والشعوب ، حياتها ونموها بهم ، فإن أمتنا الإسلامية منذ بداية رسالتها إلى الآن جعلت للعلماء منزلة عظيمة ، ومكانة سامية ، وذلك أن منزل الكتاب -سبحانه وتعالى - شهد لهم بالفضل العظيم ، وميزهم دون سواهم بالحكمة وحسن التدبير ، لذا قال (( يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات )). وقال(( ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وما يذكر إلا أولوا الألباب)).
وبمرور الأزمان شهدالعالم حضارة مستمدة من الكتاب الحكيم والسنة النبوية الشريفة ، قام بخدمتها وإيصالها إلى العالم من وفقهم الله دون تعسير وتضييق أو إفراط وتفريط ، إنما منهجهم السعي إلى خدمة الإنسانية التي كرمها خالقها ليسعد الإنسان بعبادة خالق الإنسان ، .
فلماكثرت الفتن والمحن ، وفُقد الإخلاص في القول والعمل ، وصار كل إنسان يرى أنه على الصراط المستقيم ، استطاع الشيطان أن يلعب ببعض العقول ، فيدخل في قلوب أصحابها داء الكبر والغرور فضلو وأَضَلُّوا ، وأحلُّوادماء غيرهم ، ومممتلكاتهم باسم الدين ، وليس الأمر كذلك ، لأن الدين المعاملة ، يُبين ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم (( إتق الله حيثما كنت ، وأتبع السيئة الحسنة تمحها ، وخالق الناس بخلق حسن)).
إن الإسلام منذ أحداث ١١ سبتمبر يواجه موجات من الإنتقادات ، بل بعبارة أخرى الكراهية من غيره ، وذلك نتيجة مفاهيم خاطئة تبناها فاقدي البصيرة والدراية في دين الله ، سواء كانوا أفرادا أم جماعات ، فلم يعد للإسلام شيئ سوى التضييق على المنتسبين إليه أمام المجتمع الدولي ، ويظهر ذلك في المطارات وفي الموانئ وفي الأسواق لاسيما في الغرب.
فإذاكانت هناك عدد من الدول الإسلامية تتبنى منهج التحقيق والتدقيق في العمل الإسلامي نحو مؤسساتها الدينية فحري لها القيام بذلك لحماية ثقافتنا الإسلامية التي امتدت من الشجرة الطيبة خلال ١٤ قرنا وقدمت للإنسانية حياة ماشهد التاريخ مثلها قط.
إن المملكة العربية السعودية قبلتنا جميعا ، هي من ادركت مسؤوليتها نحو هذا الأمر العظيم منذ التأسيس إلى الآن ، فلم تترك كل ناعق ينعق ، وإنما أسندت الأمور الشرعية إلى أصحابها من خلال المؤسسات التي يرأسها أهل الخبرة والتحقيق ، من جمعوا بين الرواية والدراية، من أعلى هيئة دينية وهي (( هيئة كبار العلماء)) .
فإذا أردنا النهوض لنستدرك مافات فعلينا أن نعترف بتقصيرنا نحو خدمة ديننا من خلال منهج الوسطية والإعتدال ،فتاوى تصدر دون مراعاة لأحوال الناس وطبقاتهم ، مع أن الفتاوى تختلف من حال إلى حال ومن مكان إلى مكان .
حياة الغرب تختلف عن غيرها ، وذلك أن الغرب تسودها العلمانية ، هذا مماأدى الأمر إلى أن العمل الإسلامي فيه يعتمد بعد الله على جهود الجيل المهاجر اليه من دعم ثقافي ومادي، بخلاف بلداننا الإسلامية هناك وزارات وهيئات لها مسؤولية الدين الإسلامي ، فيندهش الإنسان أحيانا فتاوى لاعلاقة لها ببلاد الغرب يريد أصحابها تطبيقها بل فرضها على المقيمين في الغرب ، وهذا مما أدى إلى صعود ونمو حركة اليمين المتطرف ضد الإسلام في الغرب .
إمام وخطيب المركز الثقافي الإسلامي بدرانسي شمال باريس