يقبع بيتنا في حارة البائس. أزقة ضيقة تصطف عليها مساكن صغيرة متلاصقة . كثيرا ما أقفز على سطوحها إذا ما أرسلتني أمي لإحداهن .
ذات صباح زارت حارتنا فتاة غضة السن تعتل سِلال مصنوعة من الخوص . تجوب البيوت لبيعها . طنين من الأفعال أحدثتُها لِجذب انتباهها وهي تناول أمي سلة من مبيعاتها. نظرتْ إليّ باسمة . لمحتُ في وجهها نظرة منهوكة مخطوفة .لمحةٌ أجّجَتْ مشاعري.
من يومها اتخذت من عتبة منزلنا مركازاً أرقب المارّة في انتظار بائعة السِلال .
شهرٌ كاملٌ مرّ قبل عودتها . هذه المرة تحملُ أواني فخارية . تتبعتها أتحين إنحناءة زنقة للبوح لها . تدخلُ من بيت وتخرج من آخر . وأنا أتوارى خِفية . حميتْ الشمس وازددتُ حنقاً . هاهي تخرج من آخر البيوت . في آخر الحارة كهلٌ أعرج في انتظارها . لابدّ أنه والدها !
عليّ أن افتعل أي حيلة . أسرعتُ الخطى؛ ناديت بأعلى صوتي :
- ياعم ؛ ياعم .
- مابِك ؟
- ألاتريدان أن تشربا في هذا اليوم القائظ ؟
أشار للفتاة الغضة قائلاً :
- شكراً جزيلاً ، فزوجتي بحوزتها الطعام والشراب .
وراح يحجل على الطريق وهي تتبعه ...
محمد علي مدخلي
1 comment
1 ping
محمد مباركي
10/08/2018 at 3:16 م[3] Link to this comment
روووووعه ماشاء الله