(الفرق بين التربية والوصاية )
أولاً لا بدَّ أن نعرف الفرق بين التربية والوصاية على الأبناء .
1- التربية : هي تهذيب وصقل وتوجيه سلوك الأبناء إلى الطرق الصحيحة وتعليمهم أصول الأدب والتأدب وحسن المعاملة والاحترام .
2 – الوصاية : وهو الأسلوب الغالب في مجتمعات الدول النامية وهو الهيمنة المطلقة على الأبناء والتحكم بجميع حركاتهم وسكناتهم وأفكارهم وعاداتهم ، وبمعنى آخر هو التدخل المريع والمطلق والتحكم التام في حياة الطفل .
والوصاية تكون في حياة الطفولة المبكرة مطلوبة ، حيث لا يدرك الأطفال ما يضرهم وما ينفعهم ، ولكن بعد سنِّ الإدراك وهو السابعة تقريباً ، يجب أن تلغى منهجية الوصاية ويحل محلها منهج جديد يناسب مواصفات وتصرفات الطفل ، مثلاً الطفل الهادئ يختلف عن الطفل المفرط بالحركة وكذلك الطفل القليل الكلام يختلف عن الطفل الذي لا يتوقف عن الكلام وهكذا يكون منهج التربية بناء على شخصية الطفل وكذلك معرفة ميوله المعرفية لتكريس الجهود بتشجيعها وتنميتها ، بجانب المحافظة على زرع الثقة بنفسه .
والهدف من كلِّ هذا هو تنشئة طفل سويّ يمتلك شخصية ذات إرادة تستطيع اتخاذ القرارات السليمة الصحيحة في حياته بعيداً عن تأثيرات الآخرين .
وغالباً ما تكون التربية نابعة من خوف الأبوين أو أحدهما على الأبناء من الانحراف عن الطريق الصحيح وقد يستخدم الأبوين أسلوب السيطرة والهيمنة والرقابة المطلقة وقد تستعين الأم بأصدقاء طفلها لمعرفة تصرفاته وهو بعيد عنها ، وقد تكون هذه التصرفات مفيدة على المدى القريب ولكن التمادي فيها واستمرارها حتى يكبر الطفل سوف تشكل خطراً كبيراً وخللاً في شخصية الطفل وقد تتطور إلى أمراض نفسية خطيرة مثل انفصام الشخصية حيث يقوم الطفل بالتصرف أمام والديه كما يرغبون حتى يكسب رضاهم ، وعندما يغيب عنهم يكون شخصاً آخر مختلف كلية عن الأول فيكبر على هذه التصرفات التي تكدس بداخله الاضطراب والقلق وتنمي الكذب والتمثيل ، والأبوين في حيرة من أمرهم ولا يعلمون بأنهم هم سبب مرض أطفالهم بهذه الأمراض النفسية المدمرة .
والمشكلة الثانية بالتربية هي تضارب طريقة ومنهج الأبوين في التربية الأب يريد أن يربي أطفاله على منهج معيّن ، والأم تريد منهج مغاير لمنهج الأب فيقع الأطفال فريسة هذا التناقض مما يرسخ انعدام التوازن النفسي لدى الأبناء وقد يضطر الأطفال لتعلم الكذب أو الحيلة حتى يتخلصوا من أحد أبويهم أو ينجوا من عقابه وغضبه ، ويبقى منتهى اهتمام الطفل هو كيفية التوفيق بين إرضاء الطرفين وبلا شعور من الأبوين يكونون قد أنتجوا طفلاً ( معاق فكرياً ) على أقلِّ تقدير .
ولهذا المطلوب من الأبوين أن يبذلان الجهد سوياً للاتفاق على طريقة واحدة لتنمية التطور الفكري لأطفالهم ومساعدتهم وتنشيطهم وتشجيعهم على تنمية مقدراتهم العقلية والمعرفية لكي يستقبل الحياة وهو شاب واثق من مقدراته صحيح الفكر سليم الشخصية وقد يكون طبياً مشهوراً أو مهندساً فذاً أو عالماً لا يُشق له غبار ، ويعود الفضل في ذلك إلى تربية أبويه السليمة الواعية .
أيتها الأم أوصيك بالآتي :
يجب أن ترسخي في ذهن طفلك أنكِ أنتِ بوابته ومرجعه في جميع أسئلته وتجيبي عليها ولا ترديه خائباً ولو كنت مشغولة منهكة فلا يوجد أهم من طفلك في هذه الحياة وحتى لا يلجأ إلى غيرك ليسأله وقد يجيب عليه بإجابة قد تضره أو قد لا تناسب سنّه وإدراكه تفقده ثقته في أبويه فيبتعد وينزوي عن مخالطتهم لأنه وجد من يردُّ على أسئلته .
ضعي هذا الحديث النبوي الشريف نصب عينيك :" كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته " ، أطفالكِ رعيتك وأنت مسؤولة عنهم أمام الله قبل خلقه فإنَّ الله تعالى سائلكم عن طريقة تربيتهم ليس عن نوعية اعتقادهم الديني فحسب بل في جميع أمور حياتهم فإن كان قد أجرم أو تعلم الكذب فالأبوين مسؤولين أمام الله عن ذلك لذلك قال الرسول الأكرم صلى الله عليه وعلى آله وسلم : " يولد المولود على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه " فالمولود بريء على الفطرة فإن كبر وأصبح كذاباً فوزره على أبويه وكذلك إن كان صالحاً فأبويه لهما الأجر على ذلك .
والغالب والمعروف والبديهي في التربية أنَّ الأبوين يفعلون ما بوسعهم لسعادة أطفالهم ، ولكن المشكلة في المنهج المتبع في التربية قد يتبع الأبوين منهجاً موحداً لجميع أطفالهم متجاهلين اختلاف طباع الأبناء وكلَّ طباع تحتاج إلى منهج مختلف عن الآخر ويجب مراعاة ذلك .
حاذري من استخدام مفردات تؤدي إلى الإحباط النفسي وتزعزع شخصية طفلك مثلاً : إذا أهمل في واجباته المدرسية تنهال عليه مفردات مثل : ياكسلان ... يامهمل .... يافوضوي .... ياغبي .
وكلنا نعرف سيل المفردات السلبية .
استخدمي أسلوب المفردات الإيجابية لزرع الثقة والأمل في طفلك ولا تيأسي من تكرارها حتى لو لم تؤثر عليه ولكن مع الوقت سوف تجدين أثرها يشع نوراً في شخصية طفلك والمفردات مثلاً : حاول مرة أخرى ... أنت ذكي ... أنت تستطيع فعل ذلك ...لديك المقدرة على هذا التصرف ...
ولتتذكري بأنَّ الكلمة الطيبة تؤتي ثماراً طيبة والكلمة الخبيثة لا تؤتي إلا بالشر .
ألم نسمع الآية الكريمة : ( مثل كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها بالسماء تؤتي أكلها كل حين ) صدق الله العلي العظيم .
مديرة دار الأمين : بتول جمال التركي