من يتابع مسار الحرب الروسية في اوكرانيا يجد نفسه في حيرة من تفسير الموقف الامريكي المتعنت والمتغطرس والذي لا يقترح حل أو حتى مشروع مبادرة، ثم ان الارهاب الدولي تجلى في محور السؤال التالي والذي يهمنا في العالم العربي والشرق الأوسط اذا كانت دولة نووية عظمى مثل روسيا مدججة بترسانة من اسلحة الردع النووي او قل الفناء البشري ومكتفية من خيرات الارض وعطايا السماء تتعرض لمثل هذه المعاملة القاسية والعقوبات التأديبية غير مسبوقة في التاريخ طالت ممتلكات الافراد الروس قبل الحكومة فماذا يكون حالنا نحن في هذا المربع الجغرافي الحائر من خرائط العالم،!! ان اول من تلقى اشارة هذا التحول الخطير للغاية الرئيس التركي رجب طيب اردوغان والذي التقيته ضمن مهام رسمية قبل عام ٢٠٠٣ وادركت ان براغماتية الرجل بلا حدود يسعى اليوم الى تحقيق افكار وزير خارجيته العتيد والاكاديمي المتمرس احمد داوود اوغلو بما سمي(صفر مشاكل). وجاءت زيارته الى المملكة العربية السعودية في نطاق هذا الاستشعار وبالتاكيد ان ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان كان الاسبق في فهم مغزى التحولات السريعة وجدول ثلاثة لقاءات مهمة ضمن جدول ارتباطاته لقاء اردوغان وبعده رئيس وزراء باكستان والقادم رئيس الصين، حقيقة ان حرب اوكرانيا مسالة خطيرة فالعالم ان لم ينزلق الى حرب نووية لا تبقي ولا تذر فانه سيكتب تاريخ جديد وخرائط جديدة ما قبل وبعد اوكرانيا.
حسنا فعل ولي العهد السعودي الذكي في احتضان اردوغان القلق لانه في الاخير وحتى من منطق المصالح في السياسة لا يمكن فهم عداء وخلاف بين اهم واقوى دولتين سنيتين فالمستفيد من هذا الخلاف فقط هي ايران ومشروعها الطائفي التوسعي، ولا بد هنا من استقراء تشدد الموقف البريطاني من روسيا وظهور رئيس الحكومة البريطانية جونسون وكانه ولي الدم الأوكراني.. فهذه الدولة العجوز التي اوشك عمرها الافتراضي على الانتهاء وهربت من الاتحاد الأوروبي هي شريكة فعلية في خلية التفكير الاستراتيجي الانجلو سكسوني في ضرورة التخلص من الاتحاد الأوروبي والان جاءت الفرصة الذهبية في اوكرانيا لاستنزاف طاقة هذا الاتحاد الهش بالنقاط وليس بالضربة القاضية، وبدا ذلك واضحا في تمرد هنغاريا وبلغاريا وتردد المانيا في بعض مواقف استيراد الطاقة من روسيا..
نحن نقف على اعتاب مرحلة خطيرة وعالم بدء بتشكل دعائم نظام دولي جديد مختلف تماما عما سبق خلال سبعة عقود خلت وان هذا المخاض ربما ياخذ بعض الوقت لتتبين ملامحه جيدا ولكن الاوجاع انطلقت..
ارسل لي زميل استاذ مغربي في جامعة روما ترجمة لمحاضرة القيت قبل سبعة سنوات هي استشراف واقعي لما يجري و يحصل الان فالرئيس بوتين مصمم على عدم النزول من الشجرة من دون نتائج ومكاسب يصر الغرب وامريكا على حرمانه من فرصة للنزول وهذا الرجل لاعب الكاراتيه ليس من السهولة ان يلقي بسلاحه وهو لديه عبر اجهزته المخابراتية تقييما استراتيجيا لدور حكام اوكرانيا في العمل والتامر على مصالح الروس الحيوية.
بايدن الذي ظهر يصافح الهواء كما تندر عليه سلفه وخصمه العتيد الرئيس ترامب بات منقادا لاتجاه عاصفة الرياح التي هبت من دون ميعاد والشعب الروسي عموما بات يلتف حول موقف بوتين، بريطانيا تريد ضرب الاتحاد الاوربي وارباك الصين المستنفرة قبل انتصار اوكرانيا والا ما هو تفسير كم هذه الاسلحة وأرقام المليارات المهولة تنساب باتجاه زيلنسكي الممثل اليهودي الفاشل والناجح جدا في تنفيذ حلقات مخطط امريكا وبريطانيا واللذان يدركان انه استحالة المس بروسيا في كيانها السياسي لاسباب شتى ولكن الهدف اضعاف روسيا واستنزاف مواردها المالية وانهاء الاتحاد الاوربي وابقاء حلف النيتوا فقط.
جولييتو كييزا (Goletto Cisa) أستاذ إيطالي وعضو البرلمان الأوربي ونائب رئيس لجنة التجارة العالمية في البرلمان الأوربي
ـــ سياسي مخضرم وأستاذ جامعي مؤلف لكتب عن السياسة العالمية.
ـــ جولييتو كييزا، هو مؤسس الحركة الثقافية الأوربية لتدعيم الديمقراطية في وسائل التواصل الاجتماعي والنشر الالكتروني.
في محاضرة مدهشة له عام ٢٠١٥ ، باللغة الإيطالية أعلن فيها :
• أوكرانيا ستقودها النازية بدعم أمريكي
• أوكرانيا المسلوبة الإرادة سيجعلها الأمريكان مخلبهم لمهاجمة روسيا.
• سيجعلون دونباس ومذابح النازيين في لوهانيسك ودونتيسك شرارةً لحرب عالمية ثالثة.
• الموضوع أبدا ليس أوكرانيا، الموضوع هو تدمير أوروبا كلّها في حرب روسية أوروبية.
• إي عدوان على روسيا هو عدوان عليكم في بيوتكم أيها الاوروبيون.
• لن ينقذكم احد، ليس لديكم غير روسيا لإنقاذ أوروبا مما يخطط له الأمريكان.
• لأسباب موضوعية، روسيا هي الوحيدة التي تستطيع إنقاذ البشرية
• السؤال لماذا ؟؟؟ لماذا تريد أمريكا حرب مدمّرة؟
• الجواب: أمريكا تنحدر ولن يكون لها مستقبل، ولن يكون القرن الواحد والعشرين أمريكيا"، ما لم تشن حربا" مدمّرة، يدمّر منافسيها أنفسهم بأنفسهم.
* كاتب واكاديمي من العراق استاذ القانون والنظم السياسية في جامعة الاخوين في افران المغربية.