كنت أتحدث مع أحدهم حول بعض القضايا الإدارية الشائكة التي تقع بها الشركات الكبرى ، ومجالس الإدارة وبعض المدرين .
فقلت له أنهم يقعون في فخ ( طاق .. طاق .. طاقية ) .
(فضحك). قلت : أتعرف ( لعبة طاق .. طاق .. طاقية ) فقال وما علاقة الإدارة بهذه اللعبة ، ومن لايعرفها ، فهي من ألعاب الطيبين ، فقلت نعم ( الطيبون) ، جيل ( الطيبين ) كما يحلو للبعض تسميتهم ، فهم فعلاً طيبون .
قلت: له سأخبرك لماذا هم كذلك .
اللعبة لمن لا يعرفها هي عبارة عن حلقة دائرية من (الأطفال ) ، يقوم من وقع عليه الإختيار بالدوران حول الفتيان الجالسين، وهو يحمل بيده طاقية وهو يردد ( طاق .. طاق .. طاقية ) ويردد معه الجالسون ( رن رن ياجرس ) ، ولا يجوز للأطفال الجالسين الالتفات أو النظر إلى الخلف. وأثناء دورانه يختار من الجالسين في الدائرة أحد الفتيان، ويكون من يختاره إما طفلاً سميناً أو ثقيل الهمَّة أو قليل الإنتباه والملاحظة وليش ذلك شرطا" في اللعبة ، فقد يختار بشكل عشوائي أو مستهدف .
وبخفة يد ودون أن يشعر بها أحد يقوم بوضع ( الطاقية )وراء ظهر الشخص الذي اختاره، ويسرع بالدوران حتى يبتعد عن هذا الشخص تحسباً من أن يشعر بوضعها ويلحقه يضربه بها.
( ولمزيد من المعلومات اسأل أحد الطيبين ) .( وليس كما حَرفها من حرفها ، وأراد إدخالها في دين أو عقيدة ليصدر فتوى بعدها )
إن هذه اللعبة لعبة مسلية، فيها النشاط والحركة والتحدي ومن الألعاب الجميلة، إنما من وجهة نظري ... لعبة إلقاء المسئولية كما أراها .
فالمسئول من يحمل الطاقية يضعها خلف أي شخص يختاره كما ذكرت لك عن طبيعة اللعبة .
مع أن الكل في نفس المكان يظهرون أنهم متكاتفون ملتفون حول بعضهم البعض ، قد تكون اهدافهم مختلفة ، وحامل المسئولية ( الطاقية ) مراقب .
ينتظرون منه إلقاء المسئولية ، ليبدأ رحلة الدوران والبحث عن آخر يلقي عليه ( الطاقية ) .
إذاً كيف يقع مجلس الإدارة في فخ (الطاق .. طاق .. طاقية ) ؟! يقعون حينما يوكلون مهام العمل لأحد أعضاء المجلس ، رغم ثقتهم بقدراته وخبراته وادائة بغض النظر عن أهدافه ، أو أهداف المجلس .
هذه المشكلة ياصديقي .. ! لا تقتصر فقط على الشركات الكبرى فقط فقد يقع بها أصحاب الشركات الخاصة ، الذين لم يفصلو بين الملكية ، والإدارة التنفيذية .
فأعضاء مجلس الإدارة الذين لا يدركون طبيعة دور أعضاء المجلس. والذين لايستطيعو أن يوازنوا بين الإشراف ووضع الخطط وبين الأعمال اليومية .
فبدلاً من النهوض بالشركة ، تتفاقم المشكلة وتتلاشى الشركة لاسمح الله .
ما الذي ينبغي ألا يفعله أعضاء مجلس الإدارة؟
يحدد المختصون في مجال الإدارة والتخطيط ووضع الاستراتيجية المؤسسية أوصاف ومهام واضحة لكل فرد من أفراد المنظمة تبدأ من أعضاء مجلسها الى اصغرها ، حتى يعرف الكل مهام وواجباته ومسئولياته وحدود صلاحيته ، ونطاق عمله . على مجلس الإدارة الامتناع عن التدخل في الأمور الإدارية اليومية، والاهتمام بالتفاصيل الإدارية الصغيرة للفريق التنفيذي، فهم ليسو المدير التنفيذي، ولا المدير المالي، ولا مدير شؤون الموظفين، ولا من يضعون الخطط، أو ما شابه ذلك.
كما أن ( التدخل ) في هذه الصغائر يؤدي إلى ( التداخل ) . فليس كل موظف عامل في المنظمة لدية الخبرة في التعاطي مع هكذا أمور.
أو ربما يعتقد بعضهم أن أي أمر صار من اي عضو من مجلس الإدارة هو أمر هام وعاجل وهو سلوك " الولد الذي أبكى الذئب " .
أعي تماماً من خلال خبرتي في هذا العمل ، ودراسة حال العديد من المنظمات الناجحة ومن خلال دراستي المتخصصة ، أن لكل مقام مقال ، ولكل مقال موضوع ، ولكل موضوع مضمون .
وإن الفرق بين مجلس الإدارة والملكية وبين الإدارة التنفذية هو الفرق بين الإستراتيجية والتكتيك, حيث أن الإستراتيجية هي الأهداف بعيدة المدى, بينما التكتيك هو الخطط المرحلية لتحقيق هذه الأهداف. وكما يقال "كل مملكة منقسمة على ذاتها تخرب, وكل بيت منقسم على ذاته لا يثبت."
أن الانسجام بينهما يحقق النجاح ولتحقيق النجاح أو نتائج إيجابية على المنظمة.
وهنا أهمس لمجلس الإدارة أو الملاك بعضاً من الكلمات التي أرى أنها مفتاحاً لايجاد حل :
- "إنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ" :
ابحث عن الإدارة التنفيذية القوية الأمينة التي تسعى لتحقيق أهداف المنظمة ، قوية بقراراتها أمينة على ممتلكاتها ومكتسابتها .
- ثق بقدراتها وخبراتها ، وراقب أعمالها ، وأياك أن تشك بامكاناتها .
- دعهم يعملون : أن عَيّنتَ ، ووَثِقتَ ، وراقبت ، إياك أن تتدخل فيما يفعلون ، فمن يعرف مكونات ( مقادير ) الطبخة ، ليس كمن يطبخ ، وليس كمن يأكل .
- حَفّز ووجه واسمع واستمع :
حفز الفريق ووجهه لتحقيق غايات مجلس الإدارة وأهدافها ، واستمع لما يقولون ، واسمع ما يقال .
وأياك أن تسمع بأذن واحدة . أو أن ترى بعين .
- حدد الأطر ولاتأطر :
حدد ما لهم، وحدد لهم ما ينبغي ، ووضح لهم اهدافك ، وإياك أن تحد من إبداعاتهم ، أو أن تأطر أفكارهم .
- أنا لستُ أنتَ . وانتَ لستَ أنا : فلكل شخص شخصية ، ولكل شخصية طريقة وطريق ، ولكل فريق منهجية . فما لايصلح معك ، ليس شرطاً أن لا يصلح لغيرك .
- المأموم يتبع الإمام :
فإن وليت وقدمت ( إماماً ) فما عليك إن كنت مأموماً إلا اتباعه ، وتتبع حركاته. .. إن اخطأ ، قومه ، وإن انحرف وجهه .
- إخلص النية وتوكل على الله :
فهو أول شروط نجاح الأعمال وبركتها ، النية الصادقة والصالحة ، الذي يتبعها عمل ، وديدنها التوكل .
- إنتبه أن تقع في فخ طاق ... طاق .. طاقية . حتى يرن الجرس .