وحين قسم الله الأرزاق ووزعها، كتب لهذه الأرض المباركة ولأهلها الطيبين أن يخرج منهم من يلملم شتاتها ويوحد ترابها؛ فرزقها عبدالعزيز.
الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - رحمه الله - أرسله الله رحمة لهذه البلاد، بعد أن كان أهلها يعانون جوعا وخوفا وزعزعة، ناهيك عن الجهل والخرافات التي كانت شائعة، فقاتل بجسارة وجابه أعداءه بكل شجاعة متسلحًا بإيمانه ويقينه بأن الله سيعينه وينصره، حتى استطاع أن يحقق الأمان والاستقرار للمنطقة وأهلها، ويقضي على الجهل والخرافات، وإعادة الناس إلى المسار الصحيح للدين الإسلامي.
ثم ماذا فعل؟
لم يكتف القائد الطموح بذلك، بل كان يريد لبلاده التطور والنهضة، ولأهله ولشعبه الراحة والرفاهية والمزيد من الطمأنينة.
كانت مرحلة استرداد الرياض هي كبرى الخطوات التي خطاها المؤسس، ليحث بعدها الخطى لجمع أطراف الجزيرة وتوحيدها، حتى حان موعد إصدار مرسومه الخالد لتوحيد البلاد تحت الاسم المُهاب المملكة العربية السعودية، واختياره تاريخ ٢٣ سبتمبر يومًا لإعلانه.
وفي العام التالي ورغم الصعوبات والتحديات، إلا أن الملك عبدالعزيز سعى سعيًا حثيثًا؛ ليتمكن من الكشف عن ثروات البلاد المدفونة واستخراجها لتبدأ مرحلة جديدة على يده عنوانها النهضة.
وكان من أبرز ما أنجزه الملك عبد العزيز- رحمه الله - في تلك الحقبة: التأسيس الإداري، والسياسي، والاقتصادي، والتنموي للبلاد تحت راية التوحيد.
لقد كان للملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود- رحمه الله- الفضل الكبير بعد الله في تأسيس المملكة العربية السعودية على أسس منهجية واضحة ودعائم راسخة يسرت للدولة انطلاقة رائدة وتطورًا لافتًا في كل المجالات، فبعد أن استقرت أمور البلاد وبدأ الناس يشعرون بحجم التغيير الكبير الذي انعكس على حياتهم واستقرارها، بدأ -رحمه الله- في تأسيس علاقات خارجية وعقد اتفاقات دولية صعدت ببلادنا إلى مكانة كبرى بين الدول وأصبحت كلمتها عليا في المجتمعات الدولية.
ولاشك بأن ما نشهده الآن ونعيشه واقعًا، هو رزق الله وتوفيقه، ثم بفضل تلك التضحيات التي قدمها الملك عبدالعزيز - رحمه الله- وبسبب طموحه وإصراره وعزيمته على النهوض بأرضه وشعبه.
تلك السمات التي توارثها أبناء المؤسس وأحفاده في شخصياتهم دفعت بهم إلى مواصلة العمل من بعده على نهضة البلاد ورفاهية الشعب دون توقف، وإلى خدمة الحرمين الشريفين ورعاية أحوال المسلمين، ورفع اسم المملكة عاليًا في مختلف المحافل، بل وتقدمها في الصفوف الأولى ضمن كبرى الدول.
هذا الرزق العظيم الذي رزقنا الله يستوجب الشكر حتى يدوم، والحمد حتى يبقى.
فالحمد لله الذي رزقنا عبدالعزيز وذريته، والشكر لله الذي أنعم علينا بهذا البلد الآمن.