في مرة طَلب أحدهم من مهندس النظافة خدمة؛ فهزّ المهندس رأسه بالإيجاب، انتظر أحدهم أيامًا لكن طلبه لم يُنجز.
رجع للمهندس ليسأله مرة أخرى عن سبب عدم إتمام العمل المطلوب، فابتسم وهزّ رأسه مجددًا، أخذ أحدهم يصرخ ويحتدّ بعبارات لاذعة ومازال المهندس يهز رأسه خلا أنه لم يعد يبتسم لأن نبرة الصوت ولغة الجسد لأحدهم مفادها أنه منزعج.
وفي رواية أخرى طُلِب من مسؤول في شركة ما أن يزور مكتب موظف الشؤون الإدارية لاستكمال بعض الإجراءات عبر القنوات الرسمية ( البريد الإلكتروني – خطاب.. إلخ ) غير أن المسؤول رفض تمامًا واستنكر قائلاً: كيف لكم أن تطلبوا مني شيء كهذا!!.. متناسيًا أنه منذ البداية وحتى النهاية مجرد موظف بغض النظر عن منصبه، متعاليًا على زملائه؛ بلغ غروره عنان سقف الغرفة، مما أدى إلى تعطيل المهام، وتأخر الإنجاز، وامتعاض المراجعين.
في الروايتين نجد أن انعدام اللغة بين الأشخاص مشكلة كبيرة، واعتقاد البعض بأنه محور الحياة مصيبة عظيمة، واللغة هنا تشمل اللغة المنطوقة، لغة الجسد، والآداب العامة، التربية والأخلاق.
التعليم خارج المنظومة؛ لأن العلم لا يصنع أدبًا..
كم من الأمثلة وقعنا فيها، وكم من العينات واجهناها، لم نكن نعلم أو ندرك أين الخطأ، ربما نحن تنقصنا اللغة، لغة التفاهم والتفهم، لغة التواضع والمرونة.
حين نسافر للمتعة، ربما يقتل المتعة انعدام اللغة، نتخبط ذات اليمين والشمال حتى نجد لغة مشتركة علّنا نستطيع أن نتفاهم لنحقق الاستمتاع.
يشمل هذا عامل الإنصات، لو أننا ننصت لصوت العقل أحيانًا لَعَلِم أحدهم أن المهندس لا يستطيع أن يتحدث لغته المنطوقة، وهو بدوره لم يفهم لغة جسده التي تؤكد بأنه يسايره.
المسؤول تنقصه لغة الأنظمة والتوجيهات، والشؤون الإدارية تنقصهم لغة الفراسة لمعرفة الطريقة المناسبة للتفاهم مع شاكلته.
التوقف للحظات مهم جدًا لاستجماع طاقة الإدراك والاستيعاب لإيجاد الرابط المشترك بيننا.. وبعد كل تلك المحاولات يمكن اتخاذ إجراءات أخرى تكون حلاً سلميًا، والبعض تناسبهم العصا.
شذى عزوز
سيدة الميزان