عالمنا العربي يملك ثروة عظيمة من الثقافة ، فهي التي خدمت الثقافة الاسلامية من خلال التبادل الثقافي في العصور الإسلامية السابقة ، ومن الدول العربية الاسلامية التي شهدت توافد العديد من الأسر العربية لأجل نشر الإسلام وخدمته جزرالقمر ، كان لها الحظ الأكبر في ذلك .
ومن الأسر الكريمة التي لها تاريخ عظيم في جزرالقمر أسرة المسيلي العلوي التي امتدت من حضرموت في اليمن مرورا بشرق أفريقيا إلى جزرالقمر ، فبقيت آثارها إلى اليوم من حيث البناء الحضاري برجالها الأخيار عبر التاريخ.
الشخصية الاولى التي هاجرت إلى جزرالقمر السلطان سيدعمر المسيلي العلوي ، وتلك الشخصية كانت تحمل اللغة العربية والفرنسية والانكليزية في ذلك الوقت ، فتزوج في جزرالقمر فرزقه الله السلطان سيد علي الذي هو يعتبر من كان بجانبه ودرس الكثير منه، وهو الذي ورث المقام من بعده .
عاش السلطان سيد علي فترة حكمه مع مواجهة موجات من الفتن والمحن التي كان يدبرها التاجر الفرنسي الذي خدع الناس على انه ممثل للحكومة الفرنسية في جزرالقمر وليس كذلك بل اراد ان يستولي على الاراضي قهرا واغتصابا فرفض السلطان سيدعلي ذلك ، فقام همبلو بالتآمر عليه وذلك لنقله في جوف الليل بواسطة سفينة بعد دعوته للعشاء داخل السفينة إلى مدغسقر وسجنه هناك .
وبعد وفاة السلطان سيدعلي اجتمعت الأسرة الملكية باختيار مسؤول عنها فكان أحمد زكي ابنه الأكبر من تم اختياره للأمر .
أما حديثنا عن السيد إبراهيم الذي استطاع أن يحيي سيرة والده بخلقه الكريم وسلوكه القويم من توطيد العلاقات التي كان السلطان أقامها ، ومن أبرزها العلاقات العربية الاسلامية والتي كانت للمملكة العربية السعودية حظ كبير فيها .
وعندما ندرس سيرة الأمير سيد ابراهيم نجد بعضا من الأطفال الذين ليس لهم باع طويل في البحوث التاريخية وأساليب البحث وطرق نقل المعلومات الصحيحة يشوهون سمعة الأمير الذي هو معالمه واضح كوضوح الشمس في وسط النهار .
ومن الأكاذيب التي يروجها بعض المتطفلين على تاريخ جزرالقمر أن الأمير سيد إبراهيم أسس مع أخيه لأب سيد حسين حزب الوفاق القمري .
إن الأمير أراد تحسين العلاقات بينه وبين أخيه نظرًا لكونهما كل منهما كان يعيش بعيدا عن الآخر ، ولكنهما يختلفان ثقافة وسيرة ، فالأمير سيد إبراهيم درس في مدغشقر وارتقى الى مناصب عليا منها درجة محافظ إضافة إلى خبرته السياسية لعمله الإداري ، وسيد حسين شخصية عسكرية ، والشخصية العسكرية تختلف عن الشخصية الثقافية السياسية .
فتأسيس الحزب لتحسين العلاقة فقط دون غير ذلك ، فمن هنا استطاع السلطان سيد إبراهيم بعبقريته وحنكته السياسية الالتحاق بحزب الجنرال ديغول والذي بدأ تحوله السريع إلى منح المستعمرات الفرنسية الاستقلال الذاتي بعد الحرب العالمية الثانية .
ولعل الداعي إلى تزييف الحقائق حول شخصية الأمير سيد ابراهيم وجود بعض من الباحثين العملاء الذين ينقلون من الفرنسيين الذي يحملون الكراهية لهذه الأسرة الكريمة إضافة إلى أن هناك تستخدمهم أجهزة اخرى داخل جزرالقمر سواء ممن يرون أن بصمات تلك الأسرة واضحة وعلى سبيل المثال كلية الإمام الشافعي التابعة لجامعة جزرالقمر والتي هي في الأصل كان مسجدا بدأ الامير بناءه على أرض تابعة لزوجته ، فزوجته تبرعت بالأرض فلم يكتمل بناء المسجد فتوفي الأمير رحمه الله ، وفي آخر الأمر قدم الأبناء الارض إلى المملكة العربية السعودية فتم بناء الكلية عليها مع المسجد .
وهذا أكبر دليل على عمق ثقافة آسرة ال السيلي العلوي الدينية الاسلامية وذلك مع تقوية القاضي الشيخ عبد الرحمن الهشام الذي قدم من سلطنة عمان إلى اليمن ثم الى شرق أفريقيا وبعدها إلى جزرالقمر فأنجب زوجة الأمير سيد ابراهيم.
ومما يؤكد لنا احترامه لعلماء الإسلام ، كان في الليلة السابعة والعشرين من رمضان يقيم مائدة إفطار يشارك فيها العلماء .
ومن العلماء الذين كانوا برفقته ويلتقي معهم ويتعاونون معه : الشيخ عبدالله بن عبد الوهاب ، والشيخ أحمد بن مفهاي ، من مدينة مبني ، والدكتور السيد عمر عبدالله الذي كان معه دائما حتى في آخر عمره عندما توفي بعد موسم الحج بدعوة من الملك خالد بن عبدالعزيز رحمه الله ، فهو الذي رافقه مع الطائرة الملكية الكريمة إلى جزرالقمر لدفنه هناك .
بقلم الشيخ: نورالدين محمد طويل
إمام وخطيب المركز الثقافي الاسلامي بمدينة درانسي شمال باريس في فرنسا