إن الصحافة هي المهنة التي تقوم على جمع وتحليل الأخبار والآراء والتحقيق من مصداقيتها وتقديمها للجمهور ، وغالبا ماتكون هذه الأخبار متعلقة بمستجدات الأحداث على الساحة السياسية أو المحلية أو الثقافية أو الرياضية أو الاجتماعية وغيرها .
ولقد لعبت الصحافة دورا كبيرا في خدمة المجتمع بكافة اشكاله في تقريب المعلومات والأخبار مما أدى إلى أن الجامعات العالمية جعلت لها قسما خاصا للتخصص في علومها ليكون من يمارس مهنتها ، ويدخل في ميدانها أصحاب الخبرة والدراية في أمرها .
وعالمنا العربي اهتم بالصحافة اهتماما بالغا ، ففي العقد الثاني من القرن التاسع عشر أصدر الوالي داود باشا أول جريدة عربية في بغداد اسمها ( جورنال عراق ) باللغتين العربية والتركية ، وذلك عام ١٨١٦م . ومع حملة نابليون بونابرت على مصر عام ١٧٩٨ أصدرت في القاهرة صحيفتين باللغة الفرنسية ، في عام ١٨٢٨م أصدر محمد علي باشا صحيفة رسمية باسم جريدة (الوقائع المصرية)، وفي عام ١٨٦٧م صدرت في دمشق جريدة ( سوريا) .
وفي المملكة العربية السعودية صدرت أول جريدة رسمية باسم جريدة ( القبلة ) ثم غير اسمها إلى جريدة ( صحيفة أم القرى ) عام ١٩٢٤م .
والأسماء كثيرة مع الدول يطيل بنا الحديث حول ذكرها .
كل هذه الصحف تعطي ثقة كبيرة للمهتم بالأمر على أن الصحافة العربية لم تكن بعيدة عن غيرها في العطاء المتميز من نقل الخبر إلى القارئ.
أما الصحافة العالمية فنجد ان الصحافة الغربية كانت في الساحة ، فأول صحيفة ألمانية أو أول صحيفة أو نشرة إخبارية ظهرت في أوروبا سنة ١٤٧٠م في مدينة كولن الألمانية .
ثم الصحيفة الفرنسية ( لاغازيت) كأول صحيفة فرنسية ١٦٣٠م.
وفي انجلترا صحيفة ( الديلي كودارت ) هي أولى الصحف اليومية التي ظهرت في إنجلترا ١٧٠٢م
وكذلك شاركت امريكا بأول صحيفة لها في عام ١٧٠٢م حملت اسم ( بوسطن نيوزليتر) .
وفي عصرنا هذا مع ما أحدثه التقدم التكنولوجي استطاع الإنسان اليوم أن يتقارب مع الآخر تقاربا يزدابسرعة مدهشة في كل ثانية ، وهذا التقارب كان سببه ( مواقع التواصل الاجتماعي ) وهي تعد أحدث وسائل التواصل الاجتماعي ، حيث تربط الأشخاص ببعضهم بطرق غير تقليدية ، وتتضمن الكثير من وسائل الترفيه والمشاركة :
١ - البريد الإلكتروني : هي خدمة تقدمها العديد من المواقع لتبادل الرسائل النصية ، والملفات ، والصور ، والفيديو ، بالإضافة إلى العديد من الخدمات الأخرى .
٢- الهاتف : سواء الهاتف التقليدي أو الهواتف الذكية ، فإن لها دور كبير في تسهيل الإتصال بين الأشخاص والشركات في أنحاء العالم .
٣- المؤتمرات المرئية عن بعد : هذه الوسيلة جيدة بشكل كبير للمؤسسات والشركات التي تعمل في أكثر من منطقة جغرافية ، أو التي تتعامل مع شركات أخرى في مناطق مختلفة .
وهذه الوسائل التي يتم التواصل من خلالها كثير ة ، نذكر بعضا منها ( فيسبوك ، مسنجر ، ويتساب ، تويتر ، تلغرام ، سكايب ، زوم)
إن مما عززت طرق التواصل الاجتماعي الثقافة الرقمية التي باتت اليوم الركن الأساسي في تحقيق التطور بالمجالات المختلفة ، حتى على مستوى الوظائف البسيطة يشترط المتقدم لها أن يكون قد أتقن اللغة الرقمية والتعامل في مختلف الجوانب .
وفي هذا الإطار نجد أن المملكة العربية السعودية ضربت رقما قياسيا في التقدم الثقافي ، ويتجلى ذلك في التعامل مع العالم الرقمي في قطاعات متنوعة ، ومنها :
١- تيسير وتسهيل العمل الدعوي الإسلامي ، وأعظم تيسير خدمة القرآن الكريم في مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة ، وذلك بالانتهاء من تطبيق مصحف المدينة النبوية للنشر الحاسوبي على منصة ماك .
٢- وفي مجال التأشيرات قدمت المملكة العربية السعودية تسهيلات للقادمين إليها سواء للحج أو العمرة أو الزيارة بالتأشيرات الالكترونية على عين المكان في جميع مطارات المملكة كل ذلك مع العالم الرقمي .
٣ - وبعد جائحة كورونا التي ضربت العالم ، وكان للملكة نصيب في ذلك ، استطاعت مواجهتها باستحداث التطبيقات الالكترونية للتعامل معها لاتباع الإرشادات والتوجيهات الصحية من الجهات المعنية ، فكان لها أثر إيجابي .
إننا لاننكر الجهود المتنوعة التي بذلتها الصحافة الورقية منذ قرون قد مضت ، لأنها تعاملت مع الاحداث والدروس وجميع القضايا المختلفة ،ولكننا الآن مع بروز شمش العالم الرقمي ، وما نتجت عنها من تسهيل وتيسير طرق التواصل الاجتماعي في أسرع وقت بين الشعوب والأمم ، لم تعد للصحافة اليومية أو الأسبوعية أو الشهرية أو السنوية دور يذكر في عالم الأخبار ، وليس ذلك انتقاص لمكانتها بل الواقع يفرض علينا ذلك، إضافة إلى الجائحة العالمية كورونا التي جعلت العالم تحت دائرة التطبيقات الإلكترونية على الهواتف الذكية والحاسوب للتعليمات الطبية والأمنية والمشتريات في الأسواق.
لقد وصل الأمر إلى أن طرق التواصل الاجتماعي يستخدمها الكل في كل ثانية من نقل المناسبات العائلية كالافراح والعزاء وغير ذلك .
الواجب علينا التوعية الشاملة لمن ينقل الخبر التثبت في نقل الخبر ، ومن يتواصل مع الاخر أن يتاكد من أنها هي الشخصية الحقيقية دون غيرها من المجرمين الذين يزاولون جريمة اللصوصية والتزوير في حسابات الأبرياء ، كما حدث لبعض أحبابنا الكرام الذين ذهبوا ضحايا أولئك المجرمين .
إن عدم اهتمام الناس بالصحافة الورقية ، ، ليس ذلك إلا من عند الله ، (يرزق من يشاء بغير حساب ).
فليعلم اخواننا الصحافيين الكرام أن طرق التواصل الاجتماعي هي التي قطعت حبال الصحافة الورقية ، ولعل الله يفتح لأصحابها أبوابًا أخرى وهو على ذلك قدير .
بقلم الشيخ : نورالدين محمدطويل
إمام وخطيب المركز الثقافي الإسلامي بمدينة درانسي شمال باريس في فرنسا