هذا السؤال الذي يطرحه القلب على العقل، فيتحول لطائر مهاجر يتنقل من بحر إلى أرض ، ينقب في كبد الأراضي و يقوص في أعماق المحيطات غير أبه بمفترس أو كائن سام. رحلة البحث عن الذات. طرحت هذا السؤال على الكثيرين ومن مستويات ثقافية مختلفة و مجتمعات متناقضة وكانت الأجوبة متفاوتة . فهناك من قال أننا هنا على الأرض للعبادة و استدل عليها بالآية الكريمة. و لكن لو تأملنا في معنى العبادة لوجدنا أن كل مخلوقات الله خلقت للعبادة و تُسبح بطريقتها عدا فئتين: البشر والجن حيث ان العبادة بالنسبة لهما اختيارية وليست اجبارية. وهنا نطرح سؤال مهم هل من فطر السموات والأرض يحتاج لعبادتنا ولهذا خلقنا؟
الحقيقة لا ، فالله لا يحتاج لعبادتنا و أنما نحن من نحتاجها لتستقيم ارواحنا و تهدأ من عواصف الحياة. لكن السبب الحقيقي لخلقنا هو المحبة، محبة الله لنا . ولكي تتضح الصورة فتخيل مزارع غرس شجيرة جميلة ذات ازهار رائعة تفوح منها رائحة عطرة. ثم تخيل شعور هذا المزارع و هو يرى الناس تسعد بوجود تلك الشجيرة يتناولون من ثمرها حين ينهش الجوع بطونهم و يستظلون تحتها من قيظ الصيف ويشتمون من شذى ازهارها حين يكابدوا الحياة. إن ذلك المزارع قدم المحبة في تلك الشجرة و يريد أن يرى نتاج عمله على الآخرين ، و يسعد حين يسعدوا و يفخر بها حين تفيد الاخر خاصة ممن يهاجم تلك الشجيرة و يريد اقتلاعها من الأرض.
الله خلقنا لأنه احبنا و قدم لنا مالم يقدم للأخر فجعل فينا العاطفة والشعور بالسعادة والسرور وهذا غير موجود حتى لدى الملائكة. كما جعل فينا المتعة حين نتناول من ملذات الحياة بكل اشكالها عكس المخلوقات الأخرى التي لا يشكل لها هذا أي أهمية سوى البقاء على قيد الحياة. كما جعل فينا حب المشاركة والاجتماع مع الاخر باختلاف الوانه وافكاره واشكاله وتلك كانت رسالته الخالدة التي جسدها سيد الخلق محمد عليه وعلى آلة افضل الصلاة والسلام. إنها دعوة للإنسانية و فهم الاخر ومساعدته في كل أمور حياته دون مقابل و دون انتظار الشكر. إن دين محمد هو دين المحبة ونشرها في كل مكان و هكذا يعرف البشر عظمة هذا الدين العظيم
