إن تحقيق العبودية لله الإيمان من أن الأمور بيد الله ، الكل تحت عظمته وقوته ، القوي والضعيف والغني والفقير والكبير والصغير والطويل والقصير خلق من خلق الله .
والعبد في هذا الكون أنعم الله عليه نعما كثيرة ، ومن أعظمها نعمة الصحة ، تلك النعمة التي لايعلم قيمتها إلا من فقدها .
فمن هنا تأتي الشدائد لتذكر الناس مواقفهم ودرجاتهم في مواجهتها بصدق اليقين وقوة العزيمة .
إن أصحاب القلوب السليمة والنفوس المطمئنة ثابتون دائما في الوفاء بالعهود في العسر واليسر والمنشط والمكره ، هذا حالهم دائما .
وعندما ندرس تاريخ المملكة العربية السعودية منذ قيامها على يد المغفور له الملك عبد العزيز آل سعود إلى يومنا هذا بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله - القيام بواجبها نحو الوفاء بما عاهدت الله عليه من نصرة دينه وإعلاء كلمته .
قامت السعودية بخدمة الإنسانية جمعاء دون النظر الى لون وانتماء ، كل ذلك نابع من الشعور بالمسؤولية الكاملة التي تنص عليها تعاليم الإسلام التي جاءت لاحترام الإنسانية .
القضايا الدولية العادلة التي نصرتها السعودية ما أعظمها ! وأعظم قضية هي القضية الفلسطينية التي استطاعت السعودية جعلها في مقدمة سياستها الداخلية والخارجية ، وأكبر دليل على ذلك انه منذ الملك عبد العزيز - رحمه الله - إلى اليوم خصصت السعوديةجزءا من ميزانيتها السنوية لتلبية احتياجات الشعب الفلسطيني ، ولا ننسى الموقف العلني في المحافل الدولية دعم المملكة للقضية الفلسطينية من أن الشعب الفلسطيني له الكفاح المشروع في تقرير مصيره وإعلان دولته المستقلة على تراب وطنه والقدس الشرقية عاصمة دولة فلسطين ، موقف ثابت لم يتغير منذ البداية ولن يتغير .
وفي هذه الأيام - مع أزمة فيروس كرونا- دخل العالم جراء الأزمة في دوامة الركود الكلي ، الدول بأكملها تضررت وخسرت دون استثناء.
ولكن المملكة العربية السعودية بقيادتها الرشيدة الحكيمة الثابتة التي اتخذت منهج الإسلام دستورا ،واجهت الأزمة بصدق اليقين والتوكل على الله ،فسخرت جهودها للتصدي لها بكل ما أوتيت من قوة وحكمة داخليًا وخارجيًا ، أثبتت للمواطنين والمقيمين مكانتهم فكان الحجر الصحي في البيوت مع تأمين رواتبهم وجميع احتياجاتهم وفق خطة مرسومة من القيادة لسلامتهم وأمنهم .
ومما يتوج حكمة وحسن رعاية القيادة أن العلاج مجانا للمصاب مواطنا أم مقيما ولو مخالفا للإقامة .
وعلى الصعيد الخارجي بذلت جهودها للمشاركة في الميدان الطبي ، فكانت البعثات الطبية إلى عدد من الدول المصاب بفيروس كرونا ، وظهر ذلك في فرنسا حيث بلغ عدد الأطباء الذين يحاربون كرونا ٢٨٠ طبيبا سعوديا ، متسلحين بروح التضامن الضرورية في هذا الوقت العصيب .
وهولاء الأطباء السعوديون لديهم حس عالٍ بالمسؤولية ، وهم مؤهلون تأهيلا متقدما ، ولديهم قدرات ومهارات تمكنهم من تخطي الصعاب والأزمات .
لقد كان موقف خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله - في نصرة المظلومين والمتضررين شغله الشاغل ، فالشعب الفلطسيني الجريح واليمني المشرد نظر إليهما - حفظه الله - نظرة العطف والحنان والشعور بالمسؤولية فاصدر أمره السامي الى مركز الملك سلمان للإغاثة إلى اجراء عقود مع عدد من الشركات المختصة لتوفير الاحتياجات الضرورية والأجهزة الطبية لمكافحة انتشار فيروس كرونا .
وإنني في هذه المرحلة الشاقة التي نعيشها مع أزمة كرونا ، وبعد متابعتي للأخبار العالمية في الحجر الصحي ، القلب يتمزق بسبب مواقف أولئك الذين كانوا يتاجرون بالدين أمام المملكة العربية السعودية للحصول على الأموال وغيرها ، هم اليوم تحولوا إلى عصابات للفتنة والدعايات الكاذبة للملكة العربية السعودية ، بل وصل الأمر إليهم إلى أن سب المملكة تقرب إلى الله !
المملكة فتحت قلبها أمام المسلمين ، وهذا من حسن نية وصدق ضمير ، لذا استطاع المعتدون الآثمون الوصول إلى أهدافهم وتحقيقها ، فلما وقفت القيادة الحكيمة للتصدي لأعمالهم الإرهابية وتجفيف منابعهم التي كانوا ينهلون منها بالمتاجرة بالدين ، أطلقوا ألسنتهم القبيحة ضد بلاد الحرمين .
هؤلاء تارة يتخذون القضية الفلسطينية تعاطفا للوصول إلى مآربهم ، فينخدع الفلسطيني فينسى من وقف معه منذ أكثر من قرن ويدافع عنه ولم يتخل عنه يوما من الأيام بل جعل نفسه خادما للقضية الفلسطينية وهو خادم الحرمين الشريفين .
فكيف ينسى المسلم اليوم دور المملكة في خدمة الإسلام وما نعيشه اليوم يوكد لنا ذلك ؟
هل القضية الفلسطينية وجدت نفسها يوما على ان السعودية تخلت عنها ؟
إن الفلسطينين يدركون جيدًا على أن دور المملكة في خدمتها وأكبر خدمة لها الدعوة الى تأسيس منظمة التعاون الإسلامي ، والهدف الأساسي نصرة القضية الفلسطينية .
المملكة عاشت قبل البترول بقوة ايمانها بالله. وبصدق اليقين والتوكل على الله ، فسخر الله لها رزق البترول ، ولم تبخل يوما من الأيام في أداء حقها أمام المسلمين ، مشاريع دينية ثقافية عالمية قامت بدعمها بأموالها.
في القارات الخمس تشهد بذلك المساجد والمركز الإسلامية والمستشفيات كلها توكد لنا مكانة السعودية في نفوس المسلمين نحو خدمة دينهم .
لن يجد مفتري الكذب على السعودية طريقا لتحقيق أهدافه ، لأن الحق بين ، والموقف ثابت ، ولن يتغير مادام آل سعود الكرام هم القادة لبلاد الحرمين الشريفين .
السعودية هي ستظل رائدة التضامن الإسلامي ، ولن تتأخر يوما عن تلبية نداء المتضررين والمظلومين . فكفوا ألسنتكم عن السعودية ، لأنها هي السعودية العظمى بقوة الله رب العرش العظيم .
فالله أسأل - - ونحن في رمضان المبارك - أن يرفع عنا الوباء، و أن لايجعلنا نخرج من هذا الشهر الكريم إلا وقد سعد العالم بسعادة الصحة والأمان .
وأن يحفظ بلاد الحرمين وقيادتها الرشيدة .
إمام وخطيب المركز الثقافي الإسلامي بدرانسي شمال باريس في فرنسا