كل إنسان يفكر فإن عقله البشري يتفاوت في وعيه بالواقع ومعرفته للحقائق...
فالجهل وعدم المعرفة سيؤدي بصاحبه -حتماً- إلى طريقين إما الوهم وإما الخرافة...مهما فكر وقدّر...
فالموهوم -غالباً-ما يبحث عن طريقه للهروب من الواقع وعدم قدرته على تفسير ذلك الواقع إلى نظرية المؤامرة؛ فيبدأ عقله الموهوم بالتصوير والاعتقاد أنه اكتشف حقيقة الواقع التي تتناسب مع حجم تفكيره وقدراته العقلية والعلمية فلا يريد تصديق الحقائق ويبقي عقله رهينة الوهم .
ولذلك فإن الجاهل لايرى بأنه موهوم، فكلما زاد جهله زاد وهمه واعتقاده بأنه قد وصل إلى الحقيقة؛ يقول الإمام الشافعي رحمه الله:( كلما أدّبني الدهر أراني نقص عقلي و كلما ازددت علمًا زادني علمًا بجهلي)..
والجائحة العالمية كورونا والأحداث التى تحدث في العالم الآن وتسارعها؛ بيئة خصبة لإذكاء نظرية المؤامرة لدى الواهمين..الذين حتى لا يريدون ولا يرغبون في رؤية أو اكتشاف الواقع إلا من خلال هذه المؤامرة .
وقد يكون من أسبابها أيضًا الإحساس والشعور بالضعف أمام هذه الأحداث المتلاحقة لعدم قدرة عقله على استيعابها...
وبالرغم من جهود العلماء والعقلاء والأطباء والمختصين لتبديد تلك النظريات وحصر الأحداث في قدرة الله عزوجل وتسبيبها بالجانب العلمي والبيولوجي إلا أن إقناع الجاهل والواهم من الأمور المستعصية....بل إن العالقين في عالم الوهم ونظرية المؤامرة والمدمنين عليها يدرجون هؤلاء المختصين والعلماء والدول ضمن نظرية المؤامرة...فالكل متآمر وهو من كشفهم على حقيقتهم...!!!!
وفي ظل انفجار المعرفة وأدوات التواصل الاجتماعي يجد الواهم ضالته في تصديق كل معلومة أو فكرة أو سيناريو يغذي هذه النظرية فكل معلومة تغذيها هي مصدر موثوق بالنسبة له...
وقد كان لفيروس كورونا أيضًا جانبًا آخرًا في تشطير الوعي الجمعي للناس وجرهم إلى التفكير البدائي؛ فالخرافة والاعتقادات الغامضة كان لها نصيب الأسد في تشخيص الجهل القابع والمتأصل لدى شريحة كبيرة من هؤلاء القوم...
فبعض المسلمين الشيعة انشغلوا بقدرة الحسين وتربته والمراقد والمهدي المنتظر على مواجهة فيروس كورونا؛ وكذلك بعض المسيحيين في لبنان بقدرة القديس مارشربل على شفاء المرضى عبر استخدام التراب المأخوذ من قبره...وغيرها كثير من الخرافات في الأديان المنتشرة على وجه الأرض..
ومن أشكال الخرافة المتفشية أيضًا أصحاب النظرة المتشائمة الذين لايرون خيراً في الناس؛ فيعتقدون بأن هذا الفيروس أرسله الله عز وجل عقوبة للصينيين بسبب ما يحدث لمسلمي الايغور ومحاربتهم للدين؛ فالبعض دعا للشماتة بهم ، وسرعان ماتبددت هذه النظرية عندما وصل الوباء إلينا، فبدؤوا في جلد الذات واعتبروا هذا الوباء عقوبة للمسلمين على ذنوبهم وفسادهم في الأرض..وربما عزاها بعض المخرفين إلى هيئة الترفيه في السعودية متجاوزين في ذلك حدود التكليف والغيب، ومنصبين أنفسهم قضاة على دين الناس ومنزلين للآيات في غير موضعها ...وهذا دليل على أن نفس الخوارج لازال له بقية...وكأنهم لم يقرؤوا قول الله تعالى:(إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ )
وقوله تعالى :(وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ ۚ)..
أما ما اجتمع فيه الوهم والخرافة فقد بلغ الحد الأقصى من الجهل واللاعقل الذي يعد الجنون أهون منه.. وذلك مانراه في شيعة إيران والعراق ومايسمى بمحور المقاومة...فهذا مقتدى الصدر -كبيرهم الذي علمهم السحر- في تغريدة له يرى أن هذا المرض لا يصيب إلا المعارضين لأمريكا وفي تغريدة أخرى يحث أتباعه على زيارة قبر الإمام موسى بن جعفر أو مايسميه بباب الحوائج ليرفع عنهم البلاء...
ورغم أن هناك من سخر من تغريداته إلا أن هناك الكثير مستعدون لتصديقها وترويجها...لأنها تنسجم مع جهلهم وقناعاتهم العقائدية وربما مع قناعاتهم السياسية.. فلا يرى الحق إلا معه ولا يعتقد الحقيقية إلا فيما يراه ويجزم به...
والحقيقة -وبكل بساطة-أن فيروس كورونا خلق من مخلوقات الله عزوجل المتطورة والمتحولة والتي يعتقد العلماء والأطباء والمتخصصون ومنظمة الصحة العالمية كذلك أن حقيقة فيروس كورونا ليس لها أصل أو سبب يمكن إثباته حتى الآن ..ولا يعلم أسبابه ومسبباته إلا الله عز وجل ...فكفانا وهم وتخريف أيها العقلاء....!!!
وعلينا الحرص على الأخذ بأسباب النجاة الوقائية والعلمية ... مع الدعاء والاستغفار ....دون التعرض لدين الناس وأحوالهم ... واكتشاف المؤامرات ...والاعتقاد بالخرافات...
2 comments
2 pings
ابومؤيد الثقفي
04/04/2020 at 6:27 م[3] Link to this comment
مقال رائع، لصاحب قلم رائع ،شكرا لك أبا غلا وسلمت اناملك👍🏻
حمانا الله من هذا هذا المخلوق المعدي.
فاطمه الحربي
05/04/2020 at 7:41 ص[3] Link to this comment
كلام منير من عقليه مستنيره … بارك الله فيك