لا شك إن الإنسان عدو ما يجهل، وقد واجه الشعب السعودي هجوما تقنيا ماديا صلبا في جميع أمور حياتهم، أعطى فوائد جمة، وجعل من لا يعرف التقنية، يذهب ويتعلم، ويحاول التماشي معها، في دقتها وماديتها.
ولكن بعض الأمور لم تكن مرنة، ولم تحاول تفهم حال الإنسان، ومن ذلك وجود ما يسمى بإيقاف خدمات من عليه مطالبة مادية سواء لجهة حكومية، أو خاصة، أو للأفراد.
وقد تضرر من ذلك العديد من المواطنين، ومن المقيمين، باعتبار أن التقنية صارمة لا ترحم، ولا تعطي مهلة، ولا تقدر الظروف الحرجة، فهي تتعامل مع البشر بعين صماء.
وهنا لا بد أن أشكر معالي وزير العدل الدكتور وليد الصمعاني، على أن أولى الأمر عناية عظيمة، بأن بحث عن البدائل من الطرق الإنسانية، العدلية، التي لا تتبع التقنية بالكامل، بل إنها تصطف بجانب البشر.
بالأمس أعلنت وزارة العدل عن إلغاء المادة "5/46" من اللائحة التنفيذية لنظام التنفيذ، التي تنصّ على: منع الجهات الحكومية من التعامل مع المدين وإيقاف خدماته الإلكترونية الحكومية.
كما أقر تعديل المادة "2/83" ليكون الحبس التنفيذي الوجوبي: إذا كان مقدار الدين، أو مجموع الديون، مبلغ مليون ريال فأكثر، وبعد مطالبة المدعي بالتنفيذ، وبعد إصدار الدائرة للأوامر المنصوص عليها في الفقرات "1 و2 و3 و4 و5" من المادة "46" من النظام، بشرط مضي ثلاثة أشهر، وعدم قيام المدين بمحاولة الوفاء، أو تقديم دعوى إعسار، فلا يجوز الإفراج عنه إلا بموافقة طالب التنفيذ أو بموجب حكم خاضع للاستئناف.
كما أقرت التعديلات الجديدة أن مدة الحبس لا تزيد على ثلاثة شهور، ويكون التمديد بعد الاستجواب لمدة مماثلة، أو مدد متعاقبة لا تزيد على ثلاثة أشهر، وذلك ضبطاً لإجراءات الحبس، وعدم تفاوت الإجراءات، وضمان عدم إضرار المدين.
كما أضافت التعديلات مادة جديدة للائحة برقم "3/83" نصها: "مع مراعاة أحكام دعوى الإعسار المنصوص عليها في النظام، إذا أصدرت الدائرة الأوامر المنصوص عليها في الفقرات "1 و2 و3 و4 و5" من المادة "46" من النظام، ومضت مدة ستة أشهر، ولم يقم المدين بالوفاء، فيجوز إصدار الحكم بحبسه بناء على طلب من طالب التنفيذ، على أن يتم استجوابه خلال 15 يوماً من تاريخ حبسه، وللدائرة الحق بالإفراج عنه في أي وقت بعد استجوابه إذا ظهرت دلائل على جديته في تسوية وضعه المالي.
وقننت وزارة العدل أحكام المادتين "2/83" و"3/83" بإضافة مادة برقم "4/84" تضبط مسألة الحبس التنفيذي بما يظهر عليه المنفذ ضده من حال، فلا تسري أحكام المادتين إذا كان المنفذ ضده قد تجاوز 60 عاماً أو إذا كان للمدين أولاد قصر، وكان زوجه متوفى أو محبوساً لأي سبب.
دولة خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده الأمين من أحرص الدول على راحة وقيمة المواطن، وعلى أن يطول التطور التقني كل فرد، وأن يحصل الجميع على حقوقهم بكل وسيلة متاحة، ودونما تصلب من مواد القانون، ودون تقنية مادية، وبما يبشر بالعطاء والنماء والخير الكثير.
فك الله أزمة كل مأزوم، وساعد كل محتاج، وأدام الرقي في رؤيتنا، والمراجعات الدائمة لقوانين الوطن، بغرض أنسنتها.