هذا البيت من إحدى القصائد الشعرية استوقفتني كثيراً وهو يدعو الإنسان العاقل على التأمل في مصيره في هذه الحياة الفانية والتي ظن المرء فيها أنه سيخُلد، كثير منا نسي أن الموت مصيره عند انتهاء عمر قصر أم طال.
قبورنا تُبنى ونحن ما تُبنا
ياليتنا تُبنا من قبل أن تُبنى
فأقول مذكراً بما يحدث هذه الأيام من زلازل فهل نتعظ ونجعل الموت امام أعيننا فقد يأتي بغته.
نعم والله الإنسان ظلوم جهول، كثير الغفلة، فمن نعمة الله ورحمته أن يرده إليه إذا ابتعد عنه، وأن يخوفه ليراجع نفسه فيتوب إلى الله، "وَمَا نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلَّا تَخْوِيفاً" يخوف الله عباده بما يشاء، ويرسل عليهم ما يشاء، لعلهم يرجعون، لعلهم يتقون، لعلهم يتذكرون، فتكون المحن والزلازل والكوارث وآيات الله تعالى الدالة على قوته، وجبروته، وأن الأرض بيده وأنه يفعل فيها ما يشاء،ولامحاله يتبين لأهل الأرض ضعفهم، وأنهم لا يسيطرون عليها، ولا يملكون دفعاً لما يريده الله مما ينزل بها، وأنه لو شاء في ثوانٍ وفي لمح البصر جعل عاليها سافلها فلنتوب إلى الله.
وسبحان الله وعلى الجانب الاخر والمعاكس تماماً،يأتي من يتفلسف من الناس، فيقولون: هذه أشياء طبيعية تحدث في كل مكان من العالم،فأقول لهم ما معنى كلامكم هذا؟ لا تريدون للناس أن يتوبوا؟ لا تريدون للناس أن يعودوا إلى الله، لا تريدون للناس أن يقبلوا إلى ربهم بالصلاة، لا تريدون أكفاً مرتفعة تتضرع إلى الله بقلوب خاشعة تائبه، فيابشر، إذا لم نتب الآن فمتى نتوب ؟ هل نتوب عندما يقفل باب التوبة ؟
فاسألكم بالله من منا يضمن لنفسه دقيقه أخرى من حياته، لذا فإغتنموا كل دقيقه،فما أجمل الموت وأنت مستعد له تصلي تصوم،تزكي، تساعد الفقراء والمحتاجين واللهِ لهو شرف عظيم بأن يختم الله لك بعمل صالح يدخلك في رضوانه،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:يبعث المرء على مامات عليه، فلنحضر أنفسنا لموتة تُريحنا من عناء الدنيا وألمها، ونبني قبورنا قبل أن تبنى لنا، واعلموا أن ملك الموت قد تخطّاكم إلى غيركم وسيتخطّى غيركم إليكم فخذوا حذركم! الكّيس مَن دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنّى على الله الأماني.
وأخيراً مذكراً فضل مد يد العون لإخواننا المتضررين وتفريج كريتهم من قبل مملكتنا الحبيبة :فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ»
وقد وجه خادم الحرمين الشريفين وولي عهده وفقهما الله بتسيير جسر جوي وتقديم المساعدات الإغاثية المتنوعة لتخفيف أضرار الزلازل على المتضررين في المغرب، وكذلك التوجيه بقيام مركز الملك سلمان للإغاثة بتقديم مساعدات غذائية وإيوائية للمتضررين من إعصار ليبيا ، فجزاهم الله خيراً على كل ما يقدمونه لإخوانهم المسلمين، اللهم تول إخواننا المصابين في المغرب وليبيا والطف بهم، اللهم أشف جرحاهم وارحم موتاهم واقبلهم في الشهداء اللهم، اجعل عاقبتهم رشدا وسد حاجاتهم ياذا الجلال والإكرام.
*همسة*
يا نفسُ توبي فإِن الموتَ قد حانا
واعصِ الهوى فالهوى مازال فَتَّانا
في كل يوم لنا مَيْتٌ نشيعهُ
ننسى بمصرعهِ آثارَ مَوْتانا