منذ كان الإمام الخميني مقيما في باريس في الشهور الأخيرة قبل عودته المظفرة الى طهران وبعد ان تأكد بالدليل الامريكي والاضطراب الداخلي في ايران بانه عائد كان قد اكمل رسم مخططه لدولته القادمة مرتكزا في ذلك إلى النبش في التاريخ القديم للفرس والشعور الطائفي الممزوج بالعنصرية.
ايران هي هي لن تتغير وتقبل ان تعيش كدولة طبيعية داخل نطاقها الجغرافي مطلقا وكل ما قامت به من أفعال منذ عام ٧٩ وحتى الآن يدل على ذلك.
ان ما بذلته المملكة العربية السعودية وولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان من مساع ومباحثات مع ايران ينم عن قراءة صحيحة لمسار وتفاعلات الاحداث في الاقليم. فالسعودية تدرك جيدا أن ايران لم تتغير ولن تغير من ركائز سياساتها التوسعية في المنطقة وما قامت به بحسب تقديري الخاص كان بمثابة محاولة لتبريد المنطقة الملتهبة ترقبا لتطورات امنية وسياسية قادمة في الطريق لا محال.
ضربة إسرائيلية للمواقع النووية الإيرانية وقواعد اطلاق الصواريخ البالستية باتت مسالة وقت قليل ليس إلا فهذا تموضع استراتيجي إسرائيلي مدعوم غربيا بقوة.
خذ بعين التحليل وتفكيك مغزى القرارات التالية وانعكاساتها على المنطقة
الاول.. اخراج الادميرال علي شمخاني من منصبه الامني الكبير وركله الى ثلاجة مجلس تشخيص مصلحة النظام وهو الذي ينتمي الى الأقلية العربية في الاحواز وبعد ان ادار واشرف وامضى اتفاقا سياسيا وامنيا مع السعودية بوساطة الصين.
..ثانيا.. تصريحات القادة العسكريين الاسرائيليين قبل يومين عن الاستعداد في اي لحظة لتوجيه ضربات قوية للمنشات النووية الإيرانية بعد أن تاكدت دوائر إسرائيلية وأمريكية واوربية بان ايران تستغل فترة الاسترخاء الدولي بعيد هدوء الاحتجاجات القوية ضد النظام واستثمار اعلامي لحالة االتسكين مع السعودية والخليج بعيد توقيع الاتفاق السعودي الايراني وتصدير رسالة اعلامية مخادعة ان تغييرا ما أو تعديلا قد حصل على سياسات النظام في المنطقة. أضف إلى ذلك تهديد قائد القوات البرية الايرانية في الحرس الثوري للمعارضة الكردية الايرانية المسلحة الموجودة على الشريط الجبلي بين ايران وإقليم كردستان العراق.
ثالثا.. مناورات حزب الله واستعراضه العسكري الكبير في جنوب لبنان وتصويره الاعلامي له.
ان الربط بين هذه التطورات الثلاثة يفيدنا في تشحيص هل ان ايران جادة في نهج التصالح مع الاقليم ودول الجوار وقد انهت خدمات عراب الاتفاق السعودي الايراني بعيد شهور من توقيعه ثم تصريحات القادة الإسرائيليين بهذا المستوى من الاستشعار والحدة ضد ايران النووية وخصوصا بعد أن نشرت نيويورك تايمز اخبار عن تنسيق تدريبي و عسكري عال المستوى بين امريكا واسرائيل التي تسلمت ذخائر أمريكية متطورة لبلوغ اهداف محمية في اعماق وسط الجبال واضف الى ذلك من قبل طلب البنتاغون زيادة ميزانية الدفاع تحسبا لمواجهة الخطر الايراني.
نتنياهو واليمين المتطرف ليس له ايضا طريق للهروب من ازماته الداخلية سوى مواجهة ايران عسكريا واذرعها في المنطقة،، وامريكا واوربا بعد انحياز ايران ودعمها المطلق لبوتين بالذخائر والمسيرات الانتحارية في حربه الاوكرانية باتت مقتنعة بطروحات نتنياهو بان توقيت الضربة ومواجهة التداعيات اصبح امرا لا مفر منه وان سياسة اوربا المهادنة لايران شارفت على الانتهاء.
في عام ٨٠ فجرت الموساد شحنة تجهيزات المفاعل النووي العراقي في ميناء فرنسي قبل الشحن وكذلك ضربت شحنة اخرى مرسلة قرب بغداد ثم ضربت قلب المفاعل النووي العراقي عام ٨١ مرفقا برسالة من قبل لن نسمح لكم مطلقا بانجاز المفاعل!!!
مناورة حزب الله جزء من استشعار ايران لقرب حصول مواجهة وارادت فقط قيادة الحزب ارسال مسج علني لنتنياهو.
. ما يهمني فقط القول ان ايران مخادعة ونشبه الافعى التي تغير جلدها على شكل قطعة واحدة عندما تشعر بالاصابة أو عندما يكبر جسمها ولكنها تبقى هي الافعى.
لبنان والعراق واليمن وسوريا ماذا غيرت ايران فيها من سياسات ومواقف؟
ابو الحسن بني صدر رئيس أول جمهورية ايرانيه في عهد الخميني في مذكراته والتي نشرها في كتابه صفحة / 267
مانصه
( عندما كنت مقيما في باريس مع الخميني فتحت حوارا جانبيا معه حول شؤون المنطقه السياسية فقال لي الخميني في هذا الحوار ( يا أبا الحسن نحن ليس هدفنا هو ايران فقط فايران هي الحاصل المتحصل لنا ولكن هدفنا الاول هو العراق والشام ودول اقزام المنطقة سوف نعيد وضعهما السياسي والجغرافي الى ماكان عليه قبل مجيئ هؤلاء العرب الانجاس من صحرائهم القاحلة قبل 1400 عام سوف نعيدهم الى صحرائهم القاحله التي جاءوا منها فلقد جردونا من كل شئ كان معنا )
فقلت له ولكن هذا امر صعب تحقيقه فقال لي ( فليكن شعارنا
هو ( أُذِن للَّذين يُقَاتَلُونَ بِأَنهم ظُلِموا وَإِن اللَّهَ عَلَىٰ نَصرِهِم لقدير )
ياأبا الحسن ان كل دول اوربا سوف تكون معنا فلا تخف الانكليز والفرنسيون والروس معنا ومن خلفهم سوف تقف كل دول العالم فلا تخف اني اراه قريبا لاتخف )
هذا هو نص كلام ابو الحسن في مذكراته لمن اراد المزيد من التوثيق والمراجعه !!!
ان هذا الكلام الذي نطق به الخميني ونقله لنا ابو الحسن بني صدر في مذكراته
هو الذي تحقق فعلا بعد ذلك
في المنطقه .
خذا مثلا
تم احتلال العراق اولا وبالكامل ومن ثم تم تقديمه وبدون اي مقاومه او اعتراض من احد في العالم وعلى طبق من ذهب الى ايران وكذلك فعل بنفس السيناريو في بلاد الشام سوريا ولبنان حيث تم احتلالهما أيضا وتقديمهما هديه وغنيمة مجانية خالصه الى ايران واليمن كذلك فعل بها كما فعل في العراق وبلاد الشام ولبنان فالحاكم الفعلي الان في كل من العراق وسوريا ولبنان واليمن هو الجنرال العسكري الايراني المتخفي الان تحت الطاولة والذي يقيم ويدير امور عواصم هذه الدول العربية .
.
قال الرئيس الايراني السابق خاتمي ( أخشى في يوم من الايام أن ينتهي دور العرب السياسي في المنطقة ويتقهقروا الى عمق صحرائهم القاحلة قبل نهاية هذا القرن ) وكلمة اخشى في العرف الدبلوماسي والسياسي المعروف هو ( الزوال ) ولكن جرى تلطيفها دبلوماسيا وسياسيا بكلمة
( أخشى )ولكنها في الحقيقة هي المعنى الحقيقي لكلمة الزوال بعينها لاغير
لذا
فعلى العرب عموما التحسب لتداعيات ضربة إسرائيلية لإيران اصبحت وشيكة بحكم الاستنتاج والقراءة لتطور الأحداث.
* كاتب واكاديمي من العراق استاذ القانون والنظم السياسية.