بين الفكر الناضج والرغبة في العمل ، وتطوير الأداء ، تظهر الفوارق ، بتطور الخدمات ، وغياب المصالح الشخصية ، والالتزام بالأنظمة واللوائح من الرؤساء المخلصين ، والأعضاء الغيورين المدركين أنهم راحلون من مناصبهم تاركين آثرا يشكرون عليه .
أما الأقزام العابثون بإرث الآباء ، وحقوق الأبناء بتصرفاتهم الصبيانية ، معتقدين أنهم باقون بقاء الدهر ، فإنهم راحلون عاجلا أو آجلا ، تاركين خلفهم سيرة لا تحمل أي ذكرى مشرفة ، ولا عمل يبقى ، إقالتهم قريبة ، وهزيمتهم آتيه لا محالة .
والفكر الناضج هو من يوصل الانسان لمرحلة يكون فيها قادرا على فهم الأمور واستيعاب المشاكل والسعي لوضع الحلول ، والبعد عن لغة الانا ، التي تتجلى فيها الفردية والحديث عن النفس ، ونكران الآخرين ، وعليهم أن يدركوا بأن الحديث عن النفس والغرور ، يمثل قصورا فكريا وحسدا ، وطمعا ، وجشعا ، أما التواضع والتفكير بالآخرين واحترامهم ، وانصافهم فهو عمل محمود يشكرون عليه .
والفكر الناضج هو أن يفكر الانسان في إصلاح نفسه من الداخل أولا ، ولا يلقي اللوم على الآخرين أو الظروف المحيطة به ، ويدعي أنه لم يستطيع إصلاح نفسه لأن من حوله يتربصون به ، ويضعون له المكائد ، فالشجاعة على مواجهة التحديات ، وتجارب السنين والبعد عن الخوف مفتاح النجاح لكل عمل .
والانسان الناضج فكريا قادر على ممارسة حياته بشكل اعتيادي ، وبساطة وعفوية ، ونضج عقولنا التي وهبنا الله إياها، تجعلنا نتحكم بأفعالنا وتصرفاتنا ، وتقودنا إلى النجاح الدائم ، ومحبة الآخرين لنا .
أما أصحاب الفكر الفاسد ، فإن تفكيرهم ينصب على استغلال المنصب بصورة سريعة ، بكسب غير المشروع ، ومخالفة للأنظمة واللوائح ، ليصبحوا أثريا في ثرهم ، لكنهم في الحقيقة لصوص أخذوا أموال الآخرين ، ومنحرفين أخلاقيا واجتماعيا ، ويصبحوا ورم سرطاني في المجتمع يجب استئصاله ، وحينها سيكون ألمهم أصعب .
وختاما أقول إن الفساد الفكري ، ليس حماقة كبرى فقط ، لكنه تعطيل لبناء ، وتدمير لآمال وجهود ، والفاسد فكريا إنسان أحمق يكون همه الكسب حلالا كان أما حراما .