انتصار العقيل ، سيتمحور نصي هذه المرة حولها ، حول بحرها الذي تعوم فيه بكلتا يديها و بقريحتها التي لا تعرف النضوب ، هي أخت القصيدة و ابنة القصة و أم المقالة ، نثرت الأقدار حكايتها بعناوين عديدة جميعها توحي بالانتصار و لمثلها قيل لكل امرئ من اسمه نصيب ..
كتبت حين كانت كلمة المرأة لدى البعض و كأنها عورة تماما كصوتها !
مزقت الأحجبة و غادرت اسمها المستعار ( زهـرة ) في زاوية ( بلا أشواك ) بمجلة سيدتي عام 1407 حيث قررت أن ترفع الستار المسدول عن اسمها فأمسكت بقلمها الذي كان سيفها و خاضت حرب و قد عادت منها بغنائم و سبايا و أُحيلت الحروف بين أناملها إلى حبات لؤلؤ و ألماس ... فجادت بنبضها و بنفسها و كتبت ثم كتبت ثم ثملت و كأنها تردد هل هناك ألذ من رحيق الكلمة ؟
هي امرأة غير اعتيادية ظلت هواجسها تدور حول بنات جنسها ... زواجهن ، طلاقهن ، تعليمهن ، رسمت برواز لكل امرأة كيفما كانت صورتها و ثقافتها ! ألتقت بسيدات ألهمنها دون أن يدرين بذلك إذ اصطحبتهن معها إلى طرقات باريس و إلى مقاهي بيروت و إلى حدائق لندن و هن في قلوب بيوتهن الشعبية أو حتى قصورهن الفارهة ! دون أن يعلمن بأن مخيلة تلك الكاتبة تمضي بهن من عاصمة لأخرى و من ميناء لآخر إلى أن أدركن فـ قفزن من فكرتها إلى أعتاب ورقتها .
عملت في جمعية النهضة بالرياض و التقت بالعديد من الشخصيات كانت إحداهن امرأة تدعى ( غزيّل ) التي غزلت مستهل حكايتها بعد أعوام طويلة من معرفتها بها ! و قد التقت فيما بعد بمئة غزيّل و لكن بوجوه أخرى و بطبقات اجتماعية مختلفة ..
ومن غزيّل تلك التي داهمها البؤس إلى ( سيمازا ) التي كتبت قصتها و هي تجلس على كرسي أحد المقاهي البيروتية ، بطلة ولدت بين سطورها و هي تعيش مراحل ( خطف ذاتي ) يقود أي قارئة اقتنت الكتاب لتسأل ذاتها هل أستطيع أن أخطف نفسي من احساس لآخر ، من أشخاص لآخرين ، من عتمة لضوء ؟
كتبت عن هموم الأنثى بين القُبلة و القبيلة و بين الفضيلة و الرذيلة .. لتُحِق الحق دون أن تخاف في الحق لومة لائم ! كتبت عن كل ما يؤرق النساء بحبرها و حدسها و يقينها دون أن تتجاهل صوت حنينها لكل ما أرادت له الرجوع أو الإيجاد من مبدأ أو منهج أو فكرة .
قالت بأن قيمة الكاتب تعادل قيمة القضايا التي يتبناها
فانغمست في القضايا الاجتماعية و في الرأي العام ،
بعد أن هتفت بالوطن و نادت باسم الانسان و ترنمت بالحب و احتفت بالأدب الذي هو أيضا ظل يحتفل بها وباحساسها إذ حصلت على جائزة الكتابة للمرأة العربية في لندن صدر لها 19 كتاب ، على سبيل المثال لا الحصر : فيروس الحب ، موانئ بلا أرصفة ، أنا و الحمدلله ، هجرة القوارير ، أحبك حتى الثمالة ، أنسنة الإنسان ، الهجرة للوطن ، حين تهطل السماء دموعا ، سيمازا ، مولوية عشق ..
و قد قيل عن كتابها الذي جاء بعنوان ( قد نختلف ) بأنه من أوائل الكتب التي أصلّت الحوار الفكري في بلادنا . أما كتابها ( أنا والحمدلله ) قد جاءت حوله دراسة تحليلة كاملة ، نتج عن الدراسة مؤلف بعنوان ( الرؤية النقدية عند انتصار العقيل ) و يُدرس في جامعة القاهرة و الإسكندرية و الكويت .
و بين كل تلك الرحلات و المحطات .. كان يقف بها القطار لتلقي التحية على كل أنثى تجندت بها ،
فهي المرأة التي هزت عرش الحب حين قالت : ( بعد كل هزيمة حب ،، تتسع ابتسامتي ) و حين سُئلت كيف للمرأة أن ترقص على جراحها و تبتسم في وجه الانهزام ؟
أجابت : حين تنهزمي اخرجي من عباءة الضعف والانكسار والبكاء و أرتدي عباءة الشموخ والانتصار ، ابتسامة الألم أقوى من ابتسامة الفرح ، كونها تكتسي بالتحدي والكبرياء واللامبالاة !
و في ذات الوقت و بضدٍ أظهر حسنه الضد و بلغة انتصرت بها للحب ، كتبت : ( إن الانسان قبل الحب شيء ، و عند الحب كل شيء ، و بعد الحب لا شيء ! )
أمام مرآتها هي فقط هناك صورة للحب لا يمكن أن تراها في مرآة أخرى أو انعكاسات بديلة .