سأكتب إليك تقديسا للكتابة أمام المبدعين ،
سأكتب إليك لأعود لزمن الرسائل المختبئة ..
هلّا خبئت رسالتي !
سأكتب ليصاغ الوقت كما أريد و لينصاع الحلم لرغبتي ، حلمي المقلّم بالأبيض و الأسود ، فالاكتساء في الأخيله يزهو أحياناً برماديته الممزوجة بِنَا !
سأكتب إليك فثمة وحي يملي عليّ الكلمات و لا يسعني سوى أن أستجيب ، وحي يتلون بالنور في كل كلمة يمليها عليّ تبزغ شمس ! فعلى وجنة الحرف حمرة و شيء من الوهج !
ثمة الهام يهمس عند مسامعي حتى أن تداعت المفردات في جملةٍ أجزم بأنك ستشعر بها و إن لم تُشد بها ! و إن تظاهرت بعدم الاكتراث المفتعل فلا تجاهل في حضرة كلماتي يا سيدي ..
تحت خطوة راقصة تسللت من قلمي بعد أن تكونت جملتي التي حاولت أن ألملم بها ما فقدت من نفسي !
فقدتني ! فهربت مسرعة إلى السيارة لتذهب بي إلى حيث وجهتي التي لا أدري ، إذ سألني سائقي إلى أين سنتجه سيدتي ؟ فأجبته : أطلق صوت الأثير ثم امضي ! فتسكعت بي عجلة السيارة في أنحاء الأحياء القابعة حول منزلي فبت أنظر للأشياء كما لو كنت لا أنظر .. تغشاني غشاوة ، لوحة سيريالية من عبث ! كل ما وقعت عيني عليه أوقعني .. عرقلني ..
حتى حاولت ألا أرى ، ثمة مالا أعيره لعينيّ فلا شيء يستحق الانشداه و التأمل سواك !
و ما إن تهادى صوت الأثير حتى أتتني الموسيقى التي أرادت أن تتجند بي حد الاحتماء ولكني باغتها إذ احتميت أنا بها بكل مافيها من تبعثرٍ و شجن !
فدثرتني و لملمتني حتى أن لوذتُ بهذيانها ، حتى أن تنهدتُ إليها قائلة : أنا متعبة من كل شي حولي ، من الطرقات من الوجوه .. من زحام مشاعري و عنجهيتها و تضادها .. "أنا متعبة من كل شي حولي عدا الموسيقى !"
وحدها الموسيقى التي تنصفني ..
وحدها التي تخرجني من دائرة اللاشعور إلى الواقع !
وحدها التي تجعلني أحب أكثر ، و أتخلى أكثر ، و أتمرد أكثر ، إني كدت أفقدني لولا أن تموسقت متحررة من كبتِ اللحظة التي تسيدتْ حتى أن ساد فيها قيدي ! وقد كدت أن أخذل حريتي و لكنني لم أفعل ….. إذ انسقتُ لأغنية حرة جنّحتني ، فحلّقنا بعيداً ..
و هاهو ركامُ أغنيتي القديمة يتحدث معي الآن و تستعيد النغمة نفسها من خلالي ، إنه تجاذب أطرافِ لحنٍ يثير قلبي أكثر فأكثر .. فتنتشي خطوتي ، و كلما أمضي خطوة يتعالى الرنين ، ففي خلخالي ياسيدي أغنيات الحنين ..
سأكتب إليك ..
و لكن عدني بأنك ستنصت إلي كمقطوعة موسيقية ! فأنا في بدء تكويني صوت أغنية علت فغدت امرأة ... هكذا أشعر بي على أقل تقدير ..
و أعلم بأنك تعي مدى امتزاجي بالموسيقى حيث تَرادف ذلك على شفتيك حين أخبرتك بأن أحدهم قال لي : ( إن لم تكوني كاتبة ، لكنتِ عازفة ) ..