المروءة نتيجة وثمرة حلوة نكتسبها من حسن وجميل الأفعال والعلاقات، وهي جالبة للخير وصارفة للشر، وهي ليست خُلُقا ندعو له، وإنما هي في الأصل حصيلة لمجموعة من الأفكار والأحكام والعادات والتقاليد والأعراف الراقية، التي إن عظمت في المجتمع عظمت تلك الحصيلة "المروءة" وارتقت وتتوجت بها حياة الناس، وإن لم تكن موجودة فلنعلم حينئذ أن الفكر الذي يحمله الناس والنظام الذي يتبعونه غير صالح للحياة، وفيه شقاؤهم. ولذلك نجد أن حياة غير المسلمين الاجتماعية ليس فيها مروءة على الإطلاق، بل ليس للمروءة في نظامهم اعتبار أو ذكر على الإطلاق.
أما عند المسلمين اليوم فالمروءة ضعيفة جداً ونكاد نفقد وجودها، وقد نجدها بين مجتمع وآخر وبلاد وأخرى وقبيلة وأخرى تزيد وتنقص بالقدر الذي يرتقي فيه إيمانهم والتزامهم بأحكام الله في السر والعلن والشدة والرخاء، ولكنها على أي حال باتت ضعيفة جداً لا يُدرك جمالها ولا الاستمتاع بدفء وجودها.
▪️إن الإسلام لم يطلب إيجاد العرف الطيب والمروءة، بل أرسى جميع الأفكار والقواعد والأحكام والأنظمة لتُنتج لنا أرقى وأسمى الأفعال والأعمال والعلاقات التي تصنع لنا أعظم ما يمكن أن تصل إليه الأعراف الكريمة، وأجمل حالات المروءة في أرقى صورها، فبمجرد الإيمان بالله مما يستوجبه الإيمان الصادق بالعقل والتفكر واليقين، ترتقي العلاقة مع الله وينضبط سلوك العبد كما يريده الله سبحانه وتعالى منه، خاصة في علاقاته مع غيره من الناس جميعا، وفي اتصافه بالخُلُق الذي أمرنا الله أن نتصف به جميعا، وفي الارتقاء إلى أعلى المراتب من التضحية والفداء وقتل الأنانية في نفوسنا، وفي التنافس والتسابق على بلوغ أعلى المراتب في العلاقة مع الله والتقرب إليه، والتسابق والتنافس على الصعود إلى أعلى الجنان.
▪️كلما زاد هذا المنهج وارتقت معه مشاعر الإنسان وحب الله ارتفعت قيمة الأشياء وأفعال الخير وسمت، وتنافس الناس على فعلها وتسابقوا، غير آبهين بالقيمة المادية الدنيوية والمكاسب والمصالح التي يرجوها من كانت الدنيا أكبر همّه وليس الله وحكمه والخير الذي يتأتى منه.
▪️لقد أخضع الله المروءة والأعراف الطيبة لحكمه، وأوجدها فينا ومن خلالنا في الواقع ثم متعنا بنتائجها. وجعل عليها حارسا منّا "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإنكار المنكر" حتى لا يتعدى الظالم على المظلوم، ولا القوي على الضعيف، وحتى تبقى المروءة واحة وراحة وأمنا وأمانا للضعيف والعاجز واليتيم والفقير.
يقول الله سبحانه وتعالى
يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ ۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
وَٱللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلشَّهَوَٰتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلًا عَظِيمًا
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَٰئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ أُولَٰئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ
د. محمد سعيد ٱل تركي
- 16/05/2024 أبو الغيط يستقبل السكرتير العام للأمم المتحدة على هامش قمة المنامة
- 16/05/2024 شركة جواثا للترفيه تبرم اتفاقية تعاون مع الجمعية التعاونية السياحية بالاحساء
- 15/05/2024 الحكومة السلوفاكية : محاولة اغتيال رئيس الوزراء السلوفاكي
- 15/05/2024 ٣ شبكات كهربائية عربية تسوق فائض الطاقة للأسواق العالمية
- 15/05/2024 الإحصاء “ارتفاع أعداد الركاب في مطارات المملكة بنسبة 26% لعام 2023م
- 14/05/2024 انجاز 40% من المرحلة الأولى لمشروع الربط بين السعودية ومصر والوصول الى 3 الاف ميغا بنهاية 2025
- 12/05/2024 “أربيان يوتوبيا ” الذراع الإعلامي لتعزيز مبادرات الرعاية الاجتماعية والتوعية الصحية.
- 12/05/2024 اللجنة التوجيهية للسوق العربية المشتركة للكهرباء تعقد اجتماعها الثاني بالمنطقة الشرقية … غدا الاثنين
- 11/05/2024 المستشار أحمد العمودي يحدد أهم 10 عناصر تنافسية للشركات والمنشآت والمشاريع
- 11/05/2024 نائب وزير السياحة والآثار لشئون السياحة والرئيس التنفيذي للهيئة المصرية العامة للتنشيط السياحي يعقدان لقاءات رسمية ومهنية خلال المشاركة في سوق السفر العربي ATM
د. محمد سعيد آل تركي
الجزء الثالث والأخير صناعة المروءة
Permanent link to this article: https://aan-news.com/articles/289506.html/