عندما ننوي شراء سلعة ما ، فإنَّ أول شيء نتفحصه الجودة في السلعة ثمَّ نسأل عن السعر هل تستحقه أو أقل أم مبالغ فيه ، وهناك من لا يملك ثمن السلعة فيقوم بشرائها على أن يدفع ثمنها لاحقاً في توقيت يُتفق عليه مع البائع فيصبح المشتري في دفتر البائع ( دائن ) .
هذا نظام المعاملات المالية بين الناس ، ولكن هناك معاملات أخرى أيضاً لها ثمن وهو كلام الناس ويظنّ الغالبية بأنه مجاناً بلا ثمن ولذلك يقولون في الأمثال الشعبية : " الكلام ليس عليه ضرائب " وهذا خطأ فادح يقع فيه البسطاء من الناس فإن كلَّ كلمة يقولها الإنسان وخاصة إن كانت في حقِّ إنسان آخر فإنها مسجلة ( دائن ) على الذي قالها ويوماً ما سوف يدفع هذا الدين مهما طال الزمن لأنَّ الله تعالى يقول بقانون الحق : ( مايلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ) إحصاء دقيق لكل حرف يلفظه الإنسان في حقِّ الآخرين ، لا بدَّ أن يأتي يوماً ويسدد هذا الدين بطريقة أو بأخرى ، لذلك كان العارفين والحكماء أقلَّ الناس كلاماً وتراهم صامتين وإن تكلموا فإنهم لا يتكلمون إلا بما ينفع متبعين الآية الكريمة : ( مثل كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها بالسماء ...) لذلك نرى آثار كلامهم يتداوله الناس حتى بعد أجيال لأنه كلمة طيبة ثابتة نافعة ، لذلك على الإنسان أن لا يستدين لنفسه ديناً هو في غنى عنه وعن همّه وغمّه لاحقاً ولا يحكم على أحد من خلق الله بالنقص أو بالانتقاد من أجل الانتقاص منه وهو لا يدري لعلَّ الله تعالى يرفع المنتقص منه وينقص المتكلم في حقه فإنَّ الله تعالى لا يترك مثقال الذرة بلا حساب لقول الله تعالى : ( فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره ) ميزان دقيق وآية خطيرة ودفتر حساب لا يغفل عما يغفل عنه الإنسان عندما تفتح دفاتر الحساب يقول : ( مالهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ) حيث لن ينفعه الندم ولا الاستغفار فلا بدَّ أن يدفع الثمن عاجلاً أم آجلاً ، فطوبى ثمَّ طوبى وقد فاز وربح من سَلِمَ دفتر حسابه ومن كفَّ لسانه عن الناس ولا ينطق إلا بخير لذلك وصف الرسول الأكرم صلى الله عليه وعلى آله وسلم المؤمن بقوله مامعناه : أن يقول خيراً أو يصمت .......
بقلم 🖋️البتول جمال التركي