تنشأ المعرفة نتيجة عوامل متعددة تسهم في اثراء الأفكار وتنشيط العقل والعزيمة والإصرار والبحث، لكن كل هذه لم تتم الا لوجود حاجة ، وهو ما كان لزوما ومحتما في عهود المعرفة القديمة- العصر الحجري- كمثال، حيث بدا الإنسان في استخدام ما حوله من الطبيعة لخدمته للحاجة الملحة التي فرضتها عليه الطبيعة.
ولم تكن هذه الصفة خاصة بالإنسان كمخلوق له عقل يتأمل ويفكر به فقط،ولكن كل المخلوقات وهبها الله
قدره وان كانت بسيطه وقليله،فالحيوانات تبحث عن غذائها بالفطرة وتتزاوج بالفطرة وتتقي الأخطار بالفطرة،وكذلك النباتات تقوى جذورها للبحث عن الغذاء ولمقاومة الريح وعوامل الطبيعة؛وتميل أغصانها لمصادر الضوء.
وكل ماخلق الله ميسر لما خلق له،ذلك هو القدر الذي جعله الله لكل ما خلق، وتلك هي فطرة كل الكائنات الحيه التي فطرت عليها وهي وراثية في الاصل.
لكن موضوع التفكير والتأمل والإبداع والتطوير وحب كشف المجهول وسبر أغواره اختص الله بها البشر،وقصة ابونا آدم عندما اكل التفاحة ترد في هذا السياق،فمن تلك اللحظة بدا الإنسان في البحث عن المجهول،ولم ولن يكف حتى قيام الساعة.
كما ان الشيطان لم ولن يكف أيضا،فهناك مجهول يدفع الإنسان لاكتشافه وهناك خير وشر، إما ان يخدم البشر أو يدمره،وتتكرر معنا قصة التفاحة على مر العصور،وتتزايد المعرفة بازدياد الحضارة والعلوم والاختراعات،فعندما بدأت الحضارات الأولى أصبحت اللغة ضرورة للتواصل، وكذلك التشريعات والقوانين التي تنظم حياة البشر،وللضرورة أيضا فان تشكيل المعنى للحياة وكذلك المآل ضرورة لا ترف ،ولابد للإنسان من الإحساس بقيمته ككائن بشري مميز عن بقية المخلوقات بتفكيره وعقله، وإلا لافرق بينه وبين القرد الذي يتطابق معه بنسبة تزيد عن 93٪في الجينات.
لم يكن الله ليجعله بهذا العقل يعيش بلا معنى أو هدف،ولانه نسي الهدف من هذا التميز-العقل-بصفته إنسان ينسى،أرسل اليه من يذكّره بنفسه وبمعناه وبما سيؤول اليه،فأصبح الدين هو الذي يكمل حاجته ويقوّم سلوكه ويمده بالتشريعات والقوانين التي يحتاجها ليشعر بمعنى الحياة.