أسباب كثيرة متعددة ، جعلتنا نقبع في مؤخرة صفوف العالم، وكأننا نعيش بمعزل عنه، وفي كوكب آخر.
ندّعي الإسلام ولا نعرفه إلا شكلاََ، أقمناه شَكليًا وشَعائريًا فقط، وفَصّلناه لنا بِشكل يناسبنا ونفاخر به أمام بعضنا ، وكأننا عبّاد لبعضنا ، سلوكنا وأخلاقنا بعيدة عن إسلامنا، نرتكب المعاصي والغش والخداع والمنكرات والكذِب ونُقطّب جبيننا ونتجهّم ونَظنّ أنه يجلب لنا الوقار، ونُردد أحاديث نختارها أخر النهار، ونستغيث بالتّسبيح وألتّهليل لتُغفًر لنا خَطايانا وإن كانت مثل زبد البحر، ونَظُن أن هذا فقط هو الإسلام.
صدق الله وصدَقت الأحاديث (ما صح منها وثبت)، لَكنّنا نستشهد بها على أهوائنا.
نُريد أن نرتقي، ولكن ننسى أن الله أمرنا أمراََ صريحاََ بإتّخاذ الأسباب والتّفكُّر والتدبّر والعلم.
ليس هذا الذي أقول لجلد الذّات كما يُقال، بل لِتقييم الذّات وكشف خبايا الإخفاق وكشف النقِّاب عن الأسباب.
من هو الذي حبس العلم عَنّا وأوقف مراكز البحوث، وقام بهذا الجهد الخارق لتسطيحنا؟
إن المشكلة كما ذكرت لكم أعزائي في مقالاتي السابقة تكَمُن في العقل، وفي الفرد منا أكثر منها في(الاستعمار والحكومات والسياسات)، فإن لم تُفكّر وتعرِف أنك موجود، ولديكَ عقلٌ قابل للفهم والاستيعاب والتدبّر، كما أُمرت في القرآن، وإلا ّ للأسف الشديد أنت غير موجود، وقد ينطبق عليك تعبير النص القرآني (كالآنعام بل هم أضلّ)، والعياذ بالله وحاشاك أن تكون.
فتدبروا أعزائي ما حل بأمتنا من كيد وفجور وانتكاسات من بعد الخلفاء الراشدين حتى يومنا هذا، من كيد الفرس والروم (قوى عظمى)، نمى الإسلام بين هذه القوى لِقائد الأُمة المحمدية صلى الله عليه وسلم، بمشيئة الله ثم بحكمة القائد وعلمه برسالته واتخاذه لكافة الأسباب لتأسيس دولته بين الإمبراطوريتين، وبنصر الله انتصر، وبِالمعرفة التي حباه الله بها، وبأخلاق المسلمين وإتباعهم له انتشر بفضل الله وازدهر.
جاءت فترة مكائد الإمبراطوريات وخلّفت ما خلّفته في عهد عمر (شهيد)، ثم عثمان (شهيد)، ثم علي (شهيد)، رضي الله عنهم وأرضاهم.
ودبّت الخِلافات السياسية في عهد الدولة الأموية وخرج الخوارج، (المعارضة) ومن هنا بدأ الخلاف السياسي الواضح (الأول) في الإسلام.
الأمويون وظّفوا الدين لصالحهم واختاروا منه ما يكيد لخصومهم ويتناسب مع سياساتهم، وكذلك فعل الخوارج (الشيعة).
ثم أتت الدولة العباسية ووظفت الدين لبسط نفوذها وإلغاء ما سنّته الأموية في الدين وكل ما لا يتوافق مع سياساتهم. ثم الشيعة (الفاطميون) ثم الأتراك، وهكذا حتى الحاضر القريب.
لا ولن نيأس وسنَنصُر الإسلام الحق بالحق، وبالعلم والنور والعقل، وليس هناك حل في نظري المتواضع إلًا بالبحث في الأسباب التي سيطرت على الفكر والعقل ولابد من الانفكاك من قيودها.
الفكر الإسلامي تأخر عن غيره كثيراََ، بسبب عدم وجود البحث العلمي الإسلامي، وما ذلك إلا نتيجة الضغط الهائل للسلطة المجتمعية والرقابة الصارمة التي يمارسها المجتمع، (المؤدلج) أصلا دون أن يشعر، بكل فئاته العمرية والعلمية، في المجتمعات العربية والإسلامية، ووجود هذا المناخ المؤدلج سياسيا وسمي (بالإسلامي) العام والمندفع بشدة نحو هاويته والذي يصعب الوقوف أمامه، يكمن السبب الحقيقي لإحجام المتخصصين في القرآن وعلومه وكذلك الحديث (من سلم منهم حيثُ إن بعضهم ممن تقولب بما أدلجه عليه مشايخه)، وهو الأمر الذي جعل الجامعات العربية والإسلامية ومراكز البحوث والأكاديميين، تحجِم بل وتَحُدُّ فيما من شأنه فتح العقول، فلا بحوث علمية تكمّل مسيرة السّلف الصالح في الاجتهاد والبحث في الفقه وعلومه والاكتشاف للمُلهِم العِلمي في القرآن وعلومه والبحث فيه وفي ألتفسير وتصحيحه بحذف أو إضافة، (خوفا من تكفيرهم)، وإحداث ما يقيّض إيمانيات المجتمع الراسخة الأدلجة التي ليس لديهم شك في صحتها (كما يزعمون)، علما بأن هذه البحوث لا تمس المعتقد ولا الإيمان، ولا تلغي ما كان صحيحا من أقوال وأفعال المفسرين وفقهاء الرعيل الأول رضوان الله عليهم. بل ستزيده رسوخا وصحة وتأصيلآ ولا دخل لها بتلك المخاوف.
وفوق هذه الرقابة الصارمة للمجتمع المؤدلج رقابة ألجماعات الأصولية ألتي تتخذ الدين مطيةََ لها للوصول لأهدافِها السياسية.
ويأتي فوق الجميع، علماءُ الدين المُعينين بوظائف في الدول العربية والإسلامية والّذين اضطِروا للمزايدات الدينية للحصول على حظوة دولهم وبعضهم من يحقق المكاسب الهائلة (إلا من رحم الله) ويستثنى منهم الربانيين فقط (الذين لا يريدون علواََ ولا جاهاََ وقليل ماهم)، وفوق هذه ألمكاسب تبجيل المجتمع لهم.
أمّا الآن وفي وسط هذا الفتح السياسيى، والانفتاح الاجتماعي، فلا أرى عذراََ لهذه المراكز والجامعات التي تدّعي مالا تفعل.
ألسنا مُطالبين بتعمير الأرض التي نحن المستخلفين فيها، ويكون الإسلام هادياََ ومرشداََ ونوراََ ودليلاََ لعبادة الله حق عبادته ونشر دينه القويم وما يهدينا إلى سِراط الله المستقيم.
4 comments
4 pings
Skip to comment form ↓
محمد
27/08/2019 at 10:54 م[3] Link to this comment
أحسنت
عبدوووش
27/08/2019 at 11:48 م[3] Link to this comment
مقال شمولي ورائع
مقدمه ملهمة لقضية عصرنا وهو الاصلاح والنهضة واللحاق بباقي الأمم
وفي متن المقال يوجد سرد رائع متتابع ومتواتر للتحول الفكري الاسلامي من العزة والرقي الى الفكر الدموي المتناحر
وخاتمة رائعة مليئة بالحلول العاجلة والممكنة للعودة بنا الى العز والازدهار
مقال كامل الدسم
شكراً للكاتب على هذا الطرح المثري حقاً
ابو خالد
27/08/2019 at 11:50 م[3] Link to this comment
مقال شمولي ورائع
مقدمه ملهمة لقضية عصرنا وهو الاصلاح والنهضة واللحاق بباقي الأمم
وفي متن المقال يوجد سرد رائع متتابع ومتواتر للتحول الفكري الاسلامي من العزة والرقي الى الفكر الدموي المتناحر
وخاتمة رائعة مليئة بالحلول العاجلة والممكنة للعودة بنا الى العز والازدهار
مقال كامل الدسم
شكراً للكاتب على هذا الطرح المثري حقاً
ابراهيم محمد الزهراني
28/08/2019 at 3:47 م[3] Link to this comment
أنا ارى الضعف الحقيقي وكلما تحدثت عنه بعد ان استولى العثمانيون على بعض الدول العربية ونهبوها بدلاً من النهوض بها والا كان الغرب في متاهات وتشتت وكانت تستدين او تشحذ من بعض دول مغربنا العربي والنماذج بالملايين، وكانت رموزها تبتعث ابنائها لبعض هذه الدول ومنها مصر وتونس والجزائر كي تنهل من معين العرب الذي نضب بعد ذلك كما وان لشياطين الفاطميين واليزيديين هم جزء من مئاسي ابو عرب الذين لم يكونوا على دراية بتلك الحركات القذرة وماذا كانت ترمي له
المقال يطول ولكن اليس بامكان مصر وفي عهد حسني مبارك ان تكون لها خمسة مفاعلات نوويه خصوصاً وانها ابرمت اتفاقا علنياً للتطبيع – وغيرها من المشاريع التي تُخضع الغرب او لنقول تجاري الغرب في بعض الأمور بدلا من (زرار) “الإخوان” المفسدين الذي خنق قميص العرب والإسلام حتى أزراه وبأموال مشبوهة وصنعة صفوية مجوسية صهيونيه ولم يكن إغتيال السادات رحمه الله ( وأنا ساداتيٌ حتى العظم) لتخوينه بل لإبعاده عن مشهد كاد أن يصنف مصر كدولة بالف دولة
مقالي يطول وأكتفي بهذا
ابراهيم محمد الزهراني