في بعض الأحيان يصاب المرء منا بخمول داخلي، أي أن عقله الباطن يبدأ تدريجياً في الإيمان بقلة فائدته، فيتساءل: من أنا ؟ وماذا استطيع ان افعل ؟ ماذا اريد وكيف ابدأ ؟
جميعها استفهامات تنهال عليه في فترة من الفترات، ستستمر في زيارته بين الحين والآخر اذا لم يسعى لإيجاد إجاباتها.
اكثر ما يشتتك في بداية طريقك هو تداخل الرغبات داخلك، ضياع شخصيتك الحقيقية في خضام الأحوال الاجتماعية من حولك، آراء الآخرين المتفاوتة، فتجد أنك تلقائياً دون ان تشعر تتبع المارة وتنصاع لمتطلبات المجتمع الذي تعيش فيه، فدائماً يسعى الآخرون للسيطرة عليك، لانه من مصلحتهم ان يشكلون ديناميكيتك بما يتناسب مع اهوائهم ويخدم مصالحهم.
هناك استراتيجية صينية قديمة تقول "بطيء بطيء، سريع سريع"، أي انه ليس عليك ان تعلن تمردك فوراً وتمشي في الطريق الذي اخترته وحدك، وازن بين سرعة خطواتك وقراراتك، وسرعة تقبُل المجتمع الذي ما زلت تعيش بين جوانبه، فإن استعمال السرعة بالطبع سيحقق انتصاراتك ولكن؛ التعجل في استعمالها قد يفاجئك بعراقيل ومعوقات لا تستطيع تجاوزها.
لم يولد اَي منا ناقصاً تماماً، والكمال لله وحده؛ لذا بالتأكيد هناك جانب يميزك عن غيرك، ابحث عنه "بطيء الاولى"، تعمق بالغوص داخلك وأوجد ما تحب أن تفعله، أوجد جانبك المضيء.
ابدأ برسم الخطة وقم بتحديد هدفك متماشياً مع ما عرفته عن نفسك " بطيء الثانية"، ثم خلال ذلك ليس بالضرورة أن يعرف الجميع عن مخططاتك، استخدم الخدعة على المجتمع بطاقته السلبية، لا تسمح لها أن تطالُك قبل أن تبدأ، اجعلهم يشعروا بالرضا لأنهم نجحوا في تشكيل اتجاهاتك.
والآن جاء دور "سريع الاولى"، خطوة أولى نحو هدفك المنشود؛ تجذب اهتمام وانتباه مجتمعك، وتعتبر رساله مبدئية بأنه حان الوقت أن تتحكم في رغباتك وقراراتك دليل على نقلك الصراع الكامن منذ فترة الى المنطقة التي تحبها وتريد أن تصبح فيها، وتدريجياً ابدأ في تغيير اتجاهاتك وأولوياتك بناءً على ما يناسبك انت، الان انت أصبحت ربّـان قاربك.
لن يستسلم المجتمع، سيخلق رياحاً تغير اتجاه قاربك، لا تترك المجداف، أوجد مخرجاً، واضرب بنجاح لم يكن متوقع منك "سريع الثانية"؛ فكلما كانت الامور غير مرتقبة او متوقعة من شخص ما، زاد وقعها وأثرها اذا حدثت منه.
"أحب ما تعمل كي تعمل ما تحب" لا تستهويني هذه المقولة، اشعر وكأن من قالها أُجبر على طريق على غير هواه، فأراد أن يوَّرث الرضا بالمتناول للأجيال من بعده، وانا هنا لا ادعوا للتمرد الفارغ او الاستسلام حتى الوصول للرغبات، انا أعي جيداً انه لا وصول دون سعي، ولا نجاح دون فشل، حتى السِلم لا يأتي الا بعد فيض حروب، ولكنني أؤمن ان المرء منا اذا وجد جانبه المميز وعرف جيداً أين تكمن مهاراته؛ سيُبلي جيداً جداً، حينها يتغير حال مجتمعاتنا الى الأفضل، فجميعنا يعرف ان الذي يعمل ما يحب؛ يُبدع ويُنجز.


2 comments
2 pings
علي
23/01/2019 at 9:41 ص[3] Link to this comment
جميل مقالك استاذة و خطوات جدا مهمة
Siddig
02/03/2019 at 7:31 م[3] Link to this comment
عبارة يكمن فيها المعلومات المثيرة ولكن بطئ وسريع مقيدة للمقال دنيمكبا فآثرت علي المجاذ