الشخوص أو الشخصيات، هم جمع شخصية ،محورية كانت أو ثانوية في الرواية. ليس من المبالغة لو قلت ان نجاح الرواية من نجاح الشخصية، والعكس صحيح لذا من المهم منح الشخصية بعداً حقيقياً في الحياة و عمقا في الكتابة حتى ينعكس هذا على الرواية و يتفاعل معها القارئ . اسأل أي قارئ عن أحب الروايات إلى قلبه، ثم أطلب منه ذكر ما راق له من الرواية؟ فورا سيقول لك شخصية محورية بغض النظر عن جنسها ذكر كانت ام انثى، تمثل محور الخير او الشر. من منا لم يعجب بشخصية جان فان جار في البؤساء او راسكولنكوف في الجريمة والعقاب او هوسيه في ساق البامبو. بل إن كثير من كبار الكتاب سمى رواياته بأسماء ابطالها مثل هاملت لشكسبير و اوليفر تويست لديكنز بل أحيانا تطغى الشخصية على الروائي مثل السر آرثر كونان وشخصية هولمز. هناك قصة طريفة ان السير كونان أصابه الملل من شخصية هولمز فقرر قتله فثار الجمهور عليه و على الجريدة فاضطروا لأعاده للحياة. تفاعل الجمهور مع الشخصيات امراً لا يمكن تجاهله بل ان بعض الدول تعمل احتفالات سنوية و تنكرية لتلك الشخصيات.
ابتعد في الكتابة عن الشخصيات الرتيبة المملة النمطية التي لا تتأثر و لا تتفاعل بما يحدث حولها . من الجميل ان تكون الشخصية صاحبة قضية و ذات رأي واضح و سديد حتى لو كان غرضها سيء كراسكولنكوف اذ قتل العجوز لفقره الشديد. امنحها أسباب و حياة صعبة كما حصل في رواية تنبؤات عظيمة لديكنز . قد تكون أيضا الشخصيات المستفزة جديرة بالاهتمام كما في رواية الغريب لالبير كامو. الامر المهم أيضا ان تتفاعل الشخصيات مع بعضها بعض ،عراك، حب وجدال و نقاش لذا امنح الشخوص اهتمام كبير فهو سبب رئيس ليتفاعل القراء مع روايتك.
السؤال التالي: كيف اصنع شخصية؟
انظر حولك، شخص قريب منك، راقبه جيداً. هناك قسمان :وصف جسدي و حركي. الوصف الجسدي مثال لون الشعر و العينين و الطول و العرض و الثغر و الأنف. يجوز لك التشبيه مثال لها عينان واسعتان عسليتان كقرص العسل او الشمس عند العصر. هل الشعر مموج كالبحار العاشقة او مسترسل كجدايل الذهب . الانف رفيع مستقيم مهند مسلول لقائد مغوار. في رواياتي البوليسية اخرها (لغز الاصهب ) وصفت المحقق ماجد ذا الشعر الرمادي فأصبحت ايقونة له في كل السلسلة او سالم الأسمر النحيل في رواية الناقوس . ثم هناك الوصف الحركي هذا يحتاج لدقة في التصوير والنقل و الوصف الدقيق لكل حركة. ولكي يتضح الوصف الحركي انظر للفرق لهاتين الجملتين
الأولى: وقف الشاب امام حبيبته
الثانية: هب الشاب الرياضي الجسد ، وسيم المحيا ذا العينان الداعجتان و الشعر الأسود المموج ، واقفا مستقيم الظهر مشرئب الرأس منتصب القامة كراية السفن حين تواجه العواطف ينظر الى حبيبته بعيني الوله و رغم صمت ثغره لكن عيناه تقول الاساطير والملاحم.
الجملة الأولى سطحية بينما الثانية بها وصف دقيق وهذا وصف بطل رواياتي المحقق جمال و كلما ازداد الوصف كلما اتضحت صورة شخصياتك للقارئ لذا لا تبخل عليها ابدا بجزيل الوصف. أيضا يجب ان تصف حركاته خطوة بخطوة، مثلا: كيف يفكر؟ هل يحك راسه؟ ام ذقنه؟ ام يحرك أصابعه بحركة معينة.
وهاك بعض الاسئلة التي تساعدك على الوصف، الاكل على سبيل المثال ، هل يأكل بيده ام بالشوكة ؟ هل ينظر إلى طعامه وهو يأكل؟ هل يمسح فمه و انفه مع كل لقمة؟ هل هو شديد النظافة؟ هل يصدر أصواتا وهو يأكل؟ هل يصر على وجود الملح قريبا منه؟ هل يشرب ماء بعد كل لقمة و هكذا. مثال اخر، صف طريقة المشي، هل يضرب الارض بقدماه و كانه يحفرها او يخطو عليها كنسيم الهواء ثم هناك اللباس، متأنق لون الملابس ماركة الصناعة فاخرة ام بسيطة . طريقة كلامه هل يصرخ دائما و كانه يقول للعالم ها انا ذا ام يهمس بخجل . كيف يضحك و كيف يبكي.
كلما كنت دقيقا كلما كنت اكثر واقعية و كلما كانت الشخصية محورية كلما كان وصفها اهم. هذا لا يعني إهمال الشخوص الثانوية فكثير من الروايات حققت مبيعات عالية بسبب وجود شخصية ثانوية مرحة او فضة يلتهم القارئ الصفحات ليقرأ عنها. شخصياً اعجبتني شخصية مندوزا في ساق البامبو اكثر من هوسيه او عيسى بطل الرواية.
هنا خط رفيع ما بين الملل او الاختصار، فلا تكثر الوصف في كل مرة تذكر فيها الشخصية لكن اذكر شيئا مميزا حتى تبقى عالقة في ذهن القارئ. شخصيا اعتبر الرواية ناقصة إن كانت الشخوص تتشابه. انتبه إلى وظيفة الشخصية والوصف حتى تتوافقا. فلا يمكن ان تصف يد مشققة الجلد لمدير بنك محنك او يد ناعمة كايدي الأطفال لمزارع خبير. لا بأس من منح كل شخصية فصلا كاملا تكون هي البطلة به و ابتعد عن تراكم الشخصيات في صفحة واحدة فهنا غالبا سيتوه القارئ ولا يدري عمن انت تتحدث. للأسف هناك روايات تطبع بالألاف و تنتهي الرواية ولا يمكنك تخيل شكل البطل وهذا يعتبر نقص كبير.
اخوتي الأعزاء، موضوع الكتابة تطور مستمر ومع كثرة الملاحظة ستكتب افضل