لا يمكن ان تمر ذكرى عزيزة على قلب المواطن السعودي مثل استذكار يوم 22فبراير بكل افتخار ذكرى تاسيس الدولة السعودية الأولى على يد الإمام محمد بن سعود عام 1727 م .
انها حقا رحلة كفاح مرير مع التاريخ لبلوغ ثلاثة قرون متتالية لصيرورة الدولة الحالية.
اتذكر مرة شاركت في مناقشة رسالة ماجستير لطالب سعودي في القاهرة وكم كانت دهشتي كبيرة من التضحيات التي قدمتها عائلة آل سعود في سبيل الدفاع عن هوية وعروبة جزيرة العرب وتاريخها الخالد.
ليس من المبالغة أو المديح اذا ما قلت ان الله قد اختار هذه الاسرة للحكم بعناية لما عرف فيهم من خصال نادرة في مجالدة الشدائد والتغلب على صعوبات الحياة والمكان والتكيف مع بيئة اجتماعية بالغة التعقيد من تشابك الصراعات مع ندرة الموارد واتساع رقعة المساحة.
وقف ال سعود بصلابة ضد الاستعمار العثماني وقدموا قرابين من كبار امرائهم على مذبح الاتراك من القتل والنفي والتشريد.
حقا انها كما وصفت معجزة فوق الرمال رسم ملامحها الملك المؤسس عبد العزيز ببصيرة ثاقبة وحكمة بالغة وسياسة اتسمت بالقوة حينا وبالليونة والدبلوماسية حينا آخر.
لم تكن الحياة سهلة مع الملك عبد العزيز مع تعدد الخصوم وكثرة الطامعين وسط بيئة دولية مليئة بالالغام والمفاجأت عند نشوب الحرب العالمية الثانية وتداعياتها ومخرجاتها.
كان جميع من تسلم راية الملك في هذه البلاد ملكا لكل العرب وسميت مملكة عربية مثلما كنت ارى سابقا لدى زملائي السعوديون في جامعات امريكا مكتوب على غلاف جواز سفرهم عضو جامعة الدول العربية .
في تأكيد نادر على هذه الهوية والانتماء العربي الخالص.
كانت هموم العرب وما زالت هي انشغالات حكام المملكة قبل انشغالهم بقضايا الداخل ولم يقصروا ابدا مع اي بلد عربي أو اسلامي حلت به نازلة أو حاجة.
اليوم يتطلع الجميع باعجاب الى رؤية الامير محمد بن سلمان ولي العهد تتجسد على الأرض مشاريع وتنمية وصناعات وسياحة وتنويع في الموارد فالرجل ادرك ان النفط مورد ناضب مهما طال زمنه وان الامل ليس استراتيجية الدولة، بل ان التخطيط والعمل والاقتصاد والمثابرة هي اوتاد العمران والقوة والاستقلال.
مهما قال الشامتون واعداء النجاح والمغرضون فالمملكة عصية على سهام الغدر تسير بثبات نحو مستقبل مضيء سيشع خيرا وعطاءا وانموذجا في التطور والتحديث وتكاملا مع جميع العرب.
هنيئا لمن يبني ويحمي البنيان بالعزيمة والمنعة فالبقاء اليوم للاذكياء الاقوياء.
* كاتب واكاديمي من العراق استاذ القانون والنظم السياسية في جامعة الاخوين في أفران المغربية.