الإسلام لم يشهد مرحلة أشد خطرا من عصرنا في تاريخه الطويل ، وذلك أن العصور الماضيةإن وجدت بعض المواجهات بينه وبين خصومه تارة ، أوبينه وبين المنتسبين إليه نتيجة سوء الفهم ، كانت القواسم المشتركة هي التي تحكم فيما بينهم ، وهو المرجع العلمي المنبثق من الموضوعية والإنصاف.
كان الإسلام بتعاليمه السمحاء دين التعايش والتعامل مع كل المجتمعات والطبقات ، فسعدت البشرية تحت راية المحبة والإخاء .
ومع مرور الأيام والأزمان ظهر الجمود الفكري ، والتعصب الطائفي ، فاتسعت دائرة الكراهية والعنف في المجتمع المسلم نتيجة عدم قراءة واعية متأنية لنصوص الكتاب والسنة فوصلنا إلى ما وصلنا إليه اليوم.
دماءٌ تُسفك باسم الدين ، ممتلكات تُستباح بدعوى أنها غنيمة ، كل الجرائم المحرمة ترتكب ، فدخل العالم في صراع مع الإسلام.
ونظرًا لمكانة المملكة العربية السعودية أمام العالم الإسلامي لإحتوائها بالحرمين الشريفين ، إتخذت موقفها المشرف للدفاع عن الإسلام الذي جعله الله رحمة للعالمين واستخلفهم في أرضه لعمارتها ، كانت فكرة مواجهة التطرّف والإرهاب فكريا من أولوياتها .
فلقد شهدت المملكة سلسلة من الاعتداء الإجرامية على أيدي المتطرفين ، استشهد فيها وجرح منها المواطنون والمقيمون على السواء ، فما كانت من القيادة الحكيمة إلاأن تضع حدا لتلك الظاهرة الاجرامية فجاءت فكرة تأسيس وإنشاء مركز الحرب الفكرية على يد البطل الباسل ذي الخبرة الفائقة في مواجهة التطرّف بالحزم والفكرة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزارء ووزير الدفاع حفظه الله.
وياتي المركز ليرد على الإتهامات الموجهة إلى الإسلام من بعض خصومه لوصفه بالتشدد ونشر سياسة الكراهية والعنف ، وفي الوقت نفسه يواجه من أخذهم دعاة التطرّف لتغذيتهم باسم الدين غذاء الجمود الفكري ، لتشويه صورة الإسلام .
والمركز تنطلق منه رسائل عبر وسائل التواصل الإجتماعي منذ ٣٠ من أبريل ٢٠١٧م شارحة أهدافه العالميةبعدة لغات هي : الإنجليزية والفرنسية إضافة إلى العربية.
ويهدف المركز برئاسة مجلس أمنائه الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع ، إلى كشف الأخطاء والمزاعم والشبهات وأساليب الخداع التي يروج لها التطرّف والإرهاب .
كما أنه يقوم بتقديم مبادرات فكرية للعديد من الجهات داخل المملكة وخارجها ، إضافة إلى مبادرات فكرية للتحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب.
ومما جعل الإسلام منبوذا أمام الآخر الخطاب التكفيري من خلال المنابر ووسائل الإعلام ، فجعل المركز اهتمامه الشديد في دعم الخطاب الإسلامي المعتدل بمراعاة تفاوت المفاهيم والثقافات والحضارات منسجما مع سياقه العصري ، والإفادة من البحوث والدراسات من خلال إنشاء منصات علمية وفكرية وملتقيات عالمية مع عقد الشراكات العالمية ومنهاالمراكز والمؤسسات المنوه عنها.
ومن نتائج المركز استطاع تقديم مبادرة فكرية لتأثير عدد من الشباب المغرورين بهم من أكثر من مائة دولة ، بمن فيهم أشخاص ولدوا ونشأوا وتعلموا في دول غير إسلامية ، متأثرين برسائل التطرّف الإرهابي التي يتواصل بها إلكترونيا .
وتأتي فكرة إنشاء المركز ضربة قاسية على وجوه أولئك المروجين ببضاعة الكذب والإفتراء على المملكة بدعمها للإرهاب ، فما كان المركزإلاتجديدا للعمل الثقافي الدعوي الذي بدأته جامعات المملكة في خدمة ثقافتنا الإسلامية العريقة بعيدة عن الغلو والتطرف .
فحققت المملكة نجاحا كبيرا من خلال مركز الحرب الفكرية في محاربة التطرّف والإرهاب ، عندما بين أن الإنتماء لمجموعات فكرية منحرفة هو ما يجعلنا نخاف اليوم من أي نقاش قد يؤدي إلى الدفع بأبنائنا وبناتنا إلى مواقع الإختلاف والشذوذ الفكري والعقدي ليتحولوا إلى معاول هدم في مجتمعاتهم .
فالفكر أعظم شيئ في الحياة ، فلا بد من صياغة نتاج الفكر صياغة سليمة ، يكون مواكبا للحياة ، مراعيا للمصالح المشتركة بين البشر بغض النظر عن اللون والانتماء ، هذا ما قام به حامل راية الحزم ومجدد الفكر الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراراء - حفظه الله- في إنشاء مركز الحرب الفكرية .
فجمع الله على يديه أمرين عظيمين محاربة الإرهاب فكريا بالمركز ، وحزميا بالتحالف العسكري للدول الإسلامية.
عاشت المملكة العربية السعودية رائدةللتضامن الإسلامي في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله - وسمو ولي عهده الأمين .
بقلم الشيخ : نورالدين محمدطويل إمام وخطيب المركز الثقافي الإسلامي بمدينة درانسي شمال باريس في فرنسا .