لم أتوقع في يومٍ من الأيام أن تقتصرَ أماني قلبي على أمنيةٍ واحدةٍ و هي إيقافُ أو مراجعةُ محتوى برنامج السناب شات .
ليس لدي أي توجهات فكرية او منهجية أو تجارية او نفسية و لا و لا و لا ..
و لكني ( أبٌ و أخٌ و معلم ) كل همي أن أرى أبنائي و أخوتي و طلابي في أعلى و أرقى مكانٍ لخدمةِ الدين و الوطن .
فكم أحترقُ حينما نبني قيماً لأكثر من عشرين عاماً و أراها تتهدّمُ ما بين عشيةٍ و ضحاها ..
ليس هذا البنيانُ هشّاً و لا ضعيفاً .. و لكنه واجه أعاصيراً و أمواجاً من الفكرِ و الجشعِ و الاستغلال و حب الأضواء .
قد لا يدرك هذا المشهور أو تلك المشهورة الذين هم أخواننا و اصدقاؤنا خطورة ما يصورون و ينقلون و ما يعلنون .. و لكنهم في الحقيقة صاروا هم من يقودوا المشهد و الأسرة و المجتمع إلى المجهول .
فبما نحن مشغولون بالتخطيط للوصول بإبنائنا إلى تحقيق رؤية 2030 فإذا بهم ينجرفون في تياراتٍ دنيوية لا ترقى الى طموحات القيادة و متطلبات المرحلة القادمة ، فالأوقاتُ لم تعد ملكهم و الهمم تراخت أمام ما يكسبه ذلك المشهور من مادةٍ و إعلامٍ و حفاوةٍ و تقدير.
و أفكارهم أصبحت صطحية باهته .
و اشكالهم صارت متشابه في الملبس و المأكلِ و حتى الالفاظ و المعاني.
فلم يعد في الدنيا شيئاً جديداً و لا خبراً ذا قيمة ، و لم نعد نشعر بجمال المفاجآت و لا بطعم الحبِ و لا بلذة اللقاء . و لكم أن تعودوا بالذاكرة إلى العيد الماضي و كأننا نسخٌ متشابهه في كلّ شيٍ ، الأ تلك القلوب المتقطعة بعدم قدرتها على أن تجعل أبنائها في نفس المستوى الباهت الذي يعيشه ابناء أقاربه و مجتمعه .
هذا السناب زرع في شبابنا و بناتنا الشعور بالنقص و عدم الأكتفاء و هذا سيدمّر الأسرة و ينخر فيها حتى تتهالك و نصبح أسراً مشتته، و بيوتاً خاويةً من الحب و الرضى و الستر و جميل العشرةِ و المعروف.
هذا السناب جعلنا نرى وجوهاً مزيفة و ابتساماتٍ كاذبةٍ و صداقاتٍ فاضحة و أزواجاً مصنوعين و مواقف ساذجة و شخصياتٍ مقززة و مشوهةِ لثقافةو خصوصية هذا الكيان العظيم .
هذا السناب أخرجنا إلى فضاءاتٍ من الخداع و التصنعِ و الخيال .. فبقليلٍ من الفلاتر تستطيع أن تصنع عالماً من الجمال الفاتن و الطبيعة الساحرة و السعادة المزيفة .. ليعيش معها المحرومون آهاتِ الحزن و يرددون قصائد الحظ التعيس و معاناة الزمان الجائر .. فيكثر اللوم و الحسد و النظرات و الحسرات .. حتى صارت المحاكمُ و المصحات النفسية هي الملجأ و الخلاص و النهاية .
من سنين و أنا أتابع كل ما هو جديد في برامج التواصل الإجتماعي و السوشل ميديا .. و الكثير من المسلسلات و الافلام و لكني لم استشعر الخوف الا من هذا البرنامج الذي في كل يوم يتعاظمُ خطره على الفرد و الاسرة و المجتمع… بما يحمله من سطحية الافكار و سعة الانتشار و خلو تلك المشاهد و اليوميات من أي دراما حقيقية مبنية على علم أو موهبة او فكرة .
فحريٌ بنا إن لم نوقف هذا الموج الهائج أن نعمل على التقليل من مخاطره من خلال توجيه البحوث التربوية و المجتمعية إلى عمل دراساتٍ مستفيضة في تقصي الحقائق و تقديم التوصيات و النتائج الى المسؤلين . و أن ننشر في المجتمع ثقافة الثقة بالنفس و عدم التبعية و الانسياق خلف الاعلانات و اللهث نحو الموضة و الشهرة . و عدم تسليم عقولنا و أفئدتنا إلى من سلموا أرواحهم إلى عالم المال و الشهرة و الخيال .