في إحدى الحالات التي ارادت شركة طيران ايرباص حل مشكلة الضوضاء التي تحدثها الطائرة ، وقد تزعج المسافرين ، فقامت بعمل العديد من التحسينات لمعالجة مشكلة الضوضاء للتخفيف منها او إنهائها، ويحسن من تجربة الطيران للمسافرين، فطبقت ذلك على طائراتها A380 وأصبحت هادئة بحيث لايكاد الركاب يسمعون صوتا ، لدرجة أنهم يسمعون ما يحدث في حمامات الطائرة .
مما فاقم المشكلة .
لكن ماعلاقة هذه القصة في الكوبرا ؟
فهي لم تظهر حتى في كواليس القصه ، ولم يسمح لها صوتا في حمامات الطائرة ؟
إليك قصة أخرى، ولتعلم أني هنا لست بقاص ، أو حكواتي لاحكي لك القصص !!
أثناء فترة الاستعمار البريطاني للهند، رغبت الحكومة في التخلص من مشكلة انتشار أعداد كبيرة من ثعابين الكوبرا القاتلة في الشوارع، واقترح المسؤولون في ذلك الوقت ما اعتقدوا أنه الحل الأذكى، وهو دفع مكافأة مالية لأي مواطن يقوم بتسليم كوبرا ميتة إلى السلطات. البرنامج الذي أطلق عليه "النقد مقابل الثعابين" كان له مفعول السحر في البداية، وأصبحت الشوارع بالفعل خالية نسبياً منها، ولكن ذلك الوضع لم يستمر كثيراً، حيث بدأ المواطنون يستوعبون سياسات الحكومة . ولاحظ البريطانيون أن أعداد الكوبرا لا تنتهي، وعند التحقق اكتشفوا
أن الهنود بدأوا في تربية أعداد كبيرة من الكوبرا، لكي تستمر في التكاثر، ويقتلون أعداداً منها ويسلمونها إلى الحكومة ويحصلون على المكافأة، ثم يعيدون الكرة مرة أخرى. على الفور ألغى البريطانيون البرنامج، ولم يجد الناس الذين يقومون بتربية الكوبرا فائدة من ذلك، ليطلقوها في الشوارع بأعداد ضخمة لم ترها البلاد من قبل. وهكذا أصبحت المشكلة أسوأ بكثير مما كانت عليه في البداية، ولم تقم الحكومة سوى بإهدار أطنان من الأموال في غير موضعها الصحيح تماما.
فأصبح يطلق على هذا الفعل
عندما يزيد حل ما للمشكلة سوءاً
كثيراً .يطلق عليه "أثر الكوبرا " أو "تأثير الكوبرا "
فأحياناً بعض الحلول تحتاج الى حلول ، وكثيراً مما خطط لا يعطي نتائج متوقعه كما خطط .
خصوصاً في التعامل مع البشر ، والسياسات والانظمة التي وضعت لهم ، فهم يجدون دائماً طريقة للتغلب أو التحايل عليها، لتصبح الإجراءات التي اتخذت في الأساس لحل مشكلة هي ذاتها التي تعمق من الأزمة وقد تخرجها عن نطاق السيطرة.
لذا تجب دوماً مراقبتها وتحديثها، وقياس ادائها، لمعرفة اثرها ، ودرجة انحرافها السلبي والايجايي .
ففي قطاع الأعمال، يتذاكى أحياناً البعض ويقوم بتقليل الجودة لتوفير التكاليف، دون أن يرهق نفسه في التفكير في وضعه في السوق على المدى الطويل، ويستعجل النتيجة ، دون أن يعي أن العلاج يحتاج الى وقت ليأخذ مفعوله ، ويحدث أثر، ولا يعترضه آثار جانبية .
فالاندفاع وأحياناً الاستسهال، أو تقليل التكاليف ، دون التعمق في أسبابها ، وأخذ المسكنات ، والمهدئات سوف يؤثر سلباً عليها ولو بعد حينما لا تعالج جذور المشكلة .
هذا بالتأكيد ليس دعوة للإبقاء على أي وضع سلبي أو عدم مواجهة أي مشكلة، ولكن من أجل تجنب "تأثير الكوبرا" يجب وضع خطط مرنة يمكنها التعامل بشكل صحيح مع الآثار التي قد تترتب في حال سقطت قطعة الدومينو الأولى على جارتها.
لذا سيمر عليك في حياتك الفردية ، أو العملية ، أو الاجتماعية ، أو المجتمعة العديد حالات "تأثير الكوبرا" ، وفي الحقيقة لا يوجد حل لهذا الوضع سوى أن تدرك كافة الأطراف أنها بحاجة إلى التعاون مع بعضها البعض، بعد وضوح رؤيتك ، ومنهجيتك ، والدعوة الى التكاتف، وتغليب المصلحة الشخصية ، والعمل بمبدأ أنا وأنت و ليس ( يا أنا يا أنت ) وترك ، وإلا فالكل سيغرد منفردا والسيمفونية ستكون نشازا بكل تأكيد، وإلا سيطالك لدغة الكوبرا، " فتتأثر بالكوبرا "
تحياتي
#د_عثمان_عطا .