في احد الأيام و بالتحديد بعد نهاية يوم شاق اخترت ان استغل وقت التفكير في اللاتفكير، وكنت اظن ان هذه عادة من عاداتي السيئة التي انفصل بها عن العالم تماما و استغرق في تأملات سردية حتى استعيد صوابي من جديد واعود للعالم الواقعي بمشاكله و طرائفه. حتى سمعت محاضرة من خبير نفسي امريكي ان هذا امر طبيعي للرجال و انهم يحتاجون لساعة الصفاء هذا ليعاود الحياة من جديد بواقعية. لذلك نجد بعض الرجال يهوى صيد السمك او التنزه في البراري لمدة طويلة او مشاهدة فلم بلا معني او هدف حقيقي الا الحصول على هذه الساعة. هذا الامر لا يوجد لدى النساء فهن يربطن كل حدث بعواطفهن ومشاعرهن لذا لا تتفاجئي عزيزي القارئ ان تحضر فلم رومانسي عاطفي و خلال مشهد حزين، تنهمر دموع فتاة ترتدي نظارة سميكة و تلتهم الفشار بينما "يدردع" احد الشباب المشروبات الغازية و يضحك بلا مبالاة على الاطلاق بما يحدث. ساعتها اخترت ان اشاهد فلم قديم من فترة السبعينات لنجوم تلك الفترة والتي لا زال بعضهم على قيد الحياة حتى الان، لأصعق بالحقيقة ان فحوى الفيلم لا تختلف تماما عن أفلام اليوم و هي المشاكل الزوجية و انعدام الحب و لو راجعنا كل أفلام تلك الفترة و قارنها بأفلام اليوم لما تعدت شطرا كبيراً عن أفلام و مسلسلات اليوم.
منذ تلك الفترة ولم نشاهد تطورا كبيرا في الإنتاج السينمائي العربي سوى في أجور الممثلين و عمليات تجميل الممثلات! نفس المواضيع، نفس المشاكل، نفس الأسلوب في تقديم المادة السينمائية. و بتحليل مشاهد بسيط للإنتاج السينمائي العربي ، نصل الى نتيجة ان المنتجين لتلك الاعلام لا يريدون التجديد والخروج من بوتقة مشاكلنا اليومية المعتادة وان المشاهد العربي لا يريد الا هذه النوعية. ولن نقارن السينما العربية بالأمريكية او الاوربية فهؤلاء قطعوا شوطا كبيرا ولا زال الابداع و الخيال يتجلى في ابهى صورة من فترة لأخرى. لكن لنقارن السينما العربية بالكورية ، على سبيل المثال، و لن أقول الصينية حتى لا يشك احد بوجود الكورونا في هذا المقال، لنجد انجاز كبير قد وصلوا اليه واخرها فوز فلم كوري بأفضل فلم عالمي لعام ٢٠٢٠ بالأوسكار وهي تعد اعلى جائزة سينمائية بالعالم. منذ 1958 فيلم "باب الحديد" ليوسف شاهين حتى فيلم فوزي صالح "ورد مسموم" في عام 2019 ولم ينافس أي فيلم
عربي لنيل جائزة عالمية
لا اعتقد بوجود عوائق فنية أو مواهب تمثيلية وهذا الممثل المصري رامي مالك احرز جائزة عالمية خارج بلاده
العائق الأساسي يقع لدينا كلنا كشعب و ليس فقط من العاملين في السينما الا وهو نضب خوض الخيال العلمي و سبر اغوار البشرية بكل مخاوفها وجنونها و فتنوها . نريد ان نعيد الحياة لوحوش الكائنات الأسطورية العربية و مفاتن اميراتها و بطولات فرسانها. نريد ان يخترع عربي آلة عجيبة يريد ان يغير بها العالم و تلاحقه جواسيس الدول العظمى للحصول على أفكاره. نريد ان نجهل نهاية الفيلم العربي او المسلسل الذي يتابعه بشكل شغف ونذهل بالخاتمة. نريد ان نرى ذكاء العربي في حل جرائم غامضة او الغاز تاريخية او نسج احتيالات عالمية او إيجاد اكسير لعلاج وباء عالمي . نريد ان نكسر التابو او القيد الذي وضعناه فوق اكتافنا لنساير ما يحدث في العالم