نـزوى الشهبـاء مدينة العلم وبيضة الإسلام ذات العراقة والحضارة القديمة الضاربة في أعماق التاريخ العُماني ، ويعود تسمية نـزوى حسب المؤرخين القدماء والمتفق عليه لـ جبل غربي المدينة وقيل أن هناك بئر ماء ملاصقة للحصن تسمى نز وتطور إسمها إلى نزوى ، وبقول آخر لأنه جبل ينزوي بالجهة الجنوبية للجبل الأخضر كحصن طبيعي لها والذي يعد أطول جبل يبلغ إرتفاعه أكثر من عشرة آلاف قدم .
نزوى مركز العُلماء والفُقهاء للعلوم الدينية والإسلامية ودار الأدُباء والشُعراء للثقافة والأدب وقصرُ الحُكماء والأئمة العُمانين للعمل السياسي والإجتماعي عبر تاريخها العريق ، فموقعها الجغرافي الواقع بجوف عُمان الآمن والتي تحدها من جميع الأطراف مُدن كبرى سنذكرها كلٌ على حِده ، جعلها مدينة تربط بين شمال عمان وجنوبها وشرقها .
نزوى التاريخ الذي يصعب تحديد زمنه فهي منذ زمن الحضارات القديمة كموقع وجد على هذا الكوكب منذ العصور القديمة فلا زالت الآثار من تلك الحضارات باقية وشاهدة وسكنها العرب القدامى ، فكل شبر من مدينة نـزوى تروي لنا تاريخاً مجيداً يربط بين الحضارات والقدماء الذين قطنوا فيها وتعلموا منها .
نزوى الحِصن المنيع وقلعتها الشهباء تعتبر من أقدم القلاع الحصينة في سلطنة عمان وتعد في شبه الجزيرة العربية أكبر برج من ناحية المعمار القديم ، حيث تتميز بشكلها المعماري الهندسي الدائري كبرج ضخم مطمور بمزيج من الطين والصاروج الجص والأحجار الصلبة ، فالقلعة كانت بمثابة القصر الذي يدار بها شؤون المدينة وما خلافها وتتخلله سبعة آبار تجري بمياهها العذبة في أوساطها ، وبنيت القلعة المحصنة من ممرات متاهيه معقدة إستغرق العمانيون في بناءها ١٢ عاما حيث يبلغ قطرها الخارجي ٤٣ متراً والداخلي ٣٩ متراً بإرتفاع ٢٤ متراً ، وبها سلالم طوال دائرتها بـ ٣٦٠ درجة ملتفة حول البرج من الداخل لتمتع أنظار الزوار بمناظر المدينة الخلابة .
نزوى المدرسة التجارية ليست أسواقها شبيهة بالأسواق الأخرى فهي كانت ولا زلت بيد العُماني نفسه من صغيرهم حتى كبيرهم ، سوق الصنصرة من أقدم الأسواق التجارية الأثرية التقليدية المجاور من مبنى القلعة والحصن الذي إشتهر بصناعاته الحرفية المزدهرة وصقل النحاسيات من الخناجر والسيوف والدروع الحربية والتزينية ، وأسواق باعة الحرير والتوابل صُنّاع النسيج وصياغة الذهب وتجاورها أسواق بيع المواشي والأنعام وماء الورد الطبيعي والحلوى العمانية المشهورة .
نزوى أرض الأنهار هكذا تم ذكرها ووصفها مِن قِبل من زارها قديما وكتب عنها بأشعاره وكلماته ، فهي أرض خصبة وواحة خضراء ببساتينها وغابة من النخل والزرع مختلفا أكله .. وترتوي كل تلك البساتين عن طريق شبكة من الأفلاج ذات الأشجار البهيجة الطلع بتقنية عمانية قديمة ولا زالت حاضرة في تصريف المياه بقنوات تمتد لمسافات طويلة تتغلغل أوساط المدينة والبساتين ليستفاد منه الجميع .
نزوى المدينة التاريخية ما أن تنزل بها تسترجع التاريخ القديم من مشاهدة القرى القديمة ببيوتها وأزقتها والمساجد الأثرية وبين جدرانها التاريخ المحفور والقصص الأوليوووودية الخيالية ، وآلاف العيون والآبار وكأنك تعيش تلك الحقبة التي عاشها الأجداد والعرب قديما وبمجرد مجالسة الأجداد مستمعا لهم ولتلك القصص عن التاريخ بين الماضي والحاضر يخال لك الإنسجام بتلك الشخصيات القديمة .
نزوى الخالدة بعنونة إسمها ومعانيها المتداخلة بين إنزواءها الجغرافي ونزيز الماء ونزوات الإنسان بحياته الطبيعية ، نزوى المدينة الهادئة بهوائها النقي وإشتمام عجينة خلق الأرض وتكوينته القديمة ، نزوى المدينة المدروسة من قبل أهلها ورجالها لهذا سَهُل عليهم السيطرة على طبيعتها والتعايش بصداقة .
نزوى الجوهرة العمانية الثمينة بمكانها ومكانتها وبثقافتها النورانية الإنسانية والحضارة المجتمعية التعليمية ، ليس عليك إلاّ أن تجوب في قُـرى مدينة نـزوى التي تبعد عن العاصمة العمانية مسقط بمسافة ١٦٠ كم تقريبا لتستمع بطبيعتها الخلابة متنقلا ما بين كل من ( فَـرق وقلعة نزوى بأسواقها وفلج دارس ووادي تنوف والجبل الأخضر الشامخ .. ) .
1 comment
1 ping
محمد الهنائي
04/04/2018 at 4:13 م[3] Link to this comment
مقال رائع وجميل عن مدينة نزوى التاريخية العريقة وشرح وافي ومعلومات قيمة
شكراً لك بوشهاب كما عوتنا بَمقالاتك الرائعة