نعم يا رب الأرباب لكل أجل كتاب لا راد لقضائك ولا مقدر لآجالك، لك الخلق ولك الأمر خلقت الخلق ومن ثم خلقت الموت والحياة لتبلونا أينا أحسن عملا.
لقد قلت وقولك الحق {َإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ}.
الكل مفارق هذه الدنيا عاجلاً أو آجلاً، لأنها سنة الحياة وسنة الله في خلقه
لقد صدق الشاعر حينما قال:
احترت في الأمر والمكلوم يحتارُ
وكم تعصت على المكلوم أشعارُ
حقا لقد تعصت على لساني النطق بالكلمات وعلى قلمي الكتابة بالأحرف، سبعة أيام على وفاة عمتي والدة زوجتي... فأقول فرق كبير بين أن يموت لك ميت وأن يموت فيك ميت فالميت يموت لك فتنتقص بموته عدداً، والميت يموت فيك فتنتقص به روحاً ونفساً وقلباً، إنك إذا مات لك ميت عزاك الناس فإذا بك تقوى بالعزاء، أما إذا مات فيك ميت فمن يعزيك؟
ولكن لاتحزن في هذه الدنيا فهناك لك رب يدبر لك أمرك فلا عزاء لك إلا من الله وحده القادر على أن يفرغ عليك صبراً من عنده سبحانه وتعالى، ولكن آن لنا أن نقول كما قال عليه الصلاة والسلام: إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون.
فهذه خواطر ابثُ فيها حزني على والدة زوجتي فاطمة بنت إبراهيم بن حسن كتوعه رحمها الله رحمة واسعة واسكنها فسيح جناته التي وافتها المنية فجر يوم الأحد الموافق 20-4-2025 بعد مرض ألم بها وبموت مفاجئ لنا جميعاً ولكن هذا قدر الله.
فهنيئاً لك يا أم محمد على هذه الخاتمة الطيبة ونحسبها كذلك.
وأما عن نفسي فقد
عرفتها منذو اربعون سنة رحمها الله رحمة واسعة امرأة صالحة صابرة على ملمات الحياة بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى عفة اللسان لا تذكر أحداً ولا تسمع منها إلا كل خير، سبحان الله،كم هي طيبة النفس ترضى بالقليل قنوعة بما أتاها الله مقتصدة في مأكلها ومشربها وفي جميع شؤونها لا تسرف ولا تحب الإسراف حافظة للنعمة دائماً على لسانها شُكر الله
عرفتها رحمها الله بأخلاقها العالية النبيلة فلم أسمع منها يوماً قط كلمة سوء أو تعاملا قاسياً بل كانت تستقبلنا بالبشر والسماحة والكلمة الطيبة وكنت فخوراً فعلاً بهذه العمة رحمها الله.
فكانت حياتها صبراً واحتساباً وما سمعتها متذمرة مرة واحدة بل مكررة كلمة عل لسانها الحمدلله على كل حال.
حقيقة أقولها كانت شمعة تحترق لتضيء للآخرين وتختزن الكثير مما يدور حولها من أي منغصات بقلبها الكبير ولا تبدي أي شكوى أو تذمر لأحد صابرة محتسبة.
نعم والله لقد كانت أماً ليس لأولادها وبناتها فحسب بل لكل من يعرفها بحنانها وطِيبة قلبها.
رحمك الله يا أم محمد فقد أحبك الصغير والكبير وكل من عرفك وبكى عليك كل من سمع بموتك.
رحمك الله يا أم محمد فلقد حفرتي في ذاكرتي سنوات من الحب والتقدير لأزواج بناتك.
اللهم إنها لحقت بواسع رحمتك وأنت خير من يجير، وهي ضعيفة إلى رحمتك فقيرة وأنت سبحانك غني عن عذابها فالطف بها وارحمها وأنزلها منزلة الأبرار، واجعل آلامها في الدنيا آخر آلامها وتجاوز عن سيئاتها وتقبل عنها أحسن ما عمل.
{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ} والحمد لله على قضائه وقدره.
*همسة*
حُكْمُ المنيّةِ نافذُ الأحكامِ
والدّار ما جُعِلَتْ بدار مُقَامِ
كَمْ فتّتَتْ كَبِداً وكم أبكت دماً
ورفيع عرش ثُلَّ بعد نظام
وَلَرُبّما هان المصاب وأنتِ يا
فاطمة جلل على الأيّام
يفنى الزّمان ورُزءُ فقدِك حادثٌ
يُتْلَى على الأفواه والأقلام