هو سلوك عدواني يتكرر بمرور الوقت ويهدف إلى إيذاء شخص آخر جسديًا أو نفسيًا. ويمكن أن يحدث في المدارس وأماكن العمل وحتى عبر الإنترنت مما يجعله مشكلة اجتماعية خطيرة تتطلب تضافر الجهود لمواجهتها.
ويؤثر التنمر بشكل كبير على الصحة النفسية والعاطفية للضحايا
حيث يمكن أن يؤدي إلى الاكتئاب القلق وفقدان الثقة بالنفس كما يشعر الضحايا بالعزلة وقد تتطور لديهم مشكلات نفسية خطيرة وتشير الدراسات إلى أن الأطفال الذين يتعرضون للتنمر أكثر عرضة بثلاث مرات للإصابة بالاكتئاب مقارنةً بغيرهم أما من الناحية الجسدية فقد يؤدي التنمر إلى إصابات جسدية مباشرة أو اضطرابات صحية مثل الصداع المزمن، الأرق واضطرابات الجهاز الهضمي نتيجة الضغوط النفسية المستمرة. كما أنه يتسبب في تدهور الأداء الدراسي والوظيفي إذ يفقد الضحية التركيز والدافعية مما قد يؤدي إلى التغيب المتكرر أو حتى الانقطاع عن الدراسة أو العمل كذلك يؤثر التنمر على العلاقات الاجتماعية حيث يميل الضحايا إلى العزلة وعدم الثقة في الآخرين
ولمكافحة التنمر، لا بد من اتخاذ خطوات عملية تشمل جميع أفراد المجتمع و من أبرز هذه الحلول زيادة الوعي والتثقيف من خلال تنفيذ حملات توعوية في المدارس وأماكن العمل لشرح خطورة التنمر وآثاره وإدراج برامج تعليمية تعزز ثقافة الاحترام والتسامح بين الطلاب والعاملين. ويعد تقديم الدعم النفسي للضحايا أمرًا ضروريًا وذلك من خلال توفير استشارات نفسية وبرامج دعم لمساعدتهم على التعافي وإنشاء مجموعات دعم تساعدهم على استعادة ثقتهم بأنفسهم والتغلب على آثار التنمر. بالإضافة إلى ذلك، فإن التدخل المبكر له دور كبير في منع تفاقم المشكلة حيث يجب وضع سياسات واضحة لمكافحة التنمر في المدارس وأماكن العمل وتطبيق عقوبات صارمة على المتنمرين للحد من تكرار السلوك العدواني.
مع تطور التكنولوجيا ظهر نوع جديد من التنمر أكثر انتشارًا وتأثيرًا وهو التنمر الإلكتروني الذي يتم عبر وسائل التواصل الاجتماعي الرسائل النصية والبريد الإلكتروني ويتميز هذا النوع بخطورته الكبيرة حيث يمكن أن ينتشر بسرعة ويصعب إزالته ولمواجهة هذه الظاهرة يجب تطبيق سياسات صارمة على المنصات الرقمية لمراقبة المحتوى المسيء وتعزيز الوعي الرقمي لدى الشباب حول كيفية حماية أنفسهم والتعامل مع المتنمرين وتوفير خطوط دعم قانونية ونفسية للإبلاغ عن حالات التنمر الإلكتروني.
وسائل الإعلام تلعب دورًا أساسيًا في تسليط الضوء على قضية التنمر وتعزيز الوعي بأضراره. ويمكن للإعلام ان يكون أداة قوية لنشر قصص النجاح والتجارب الإيجابية للأشخاص الذين تغلبوا على التنمر مما يلهم الآخرين ويحفزهم على التحلي بالقوة والشجاعة كما يمكنه المساهمة في تغيير الصورة النمطية عن الضحايا، وإبراز أهمية القيم الأخلاقية مثل التسامح الاحترام والتعاون في بناء مجتمع أكثر وعيًا وأمانًا.
ان التنمر ليس مجرد مشكلة فرديه بل تحدٍ مجتمعي يتطلب تكاتف الجميع لمواجهته. من خلال التوعي الدعم النفسي، والتدخل المبكر ويمكننا الحد من آثاره وبناء بيئة أكثر أمانًا وتسامحًا. وكما قال النبي ﷺ: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده" (رواه البخاري ومسلم)، فإن نشر ثقافة الاحترام والرحمة هو الأساس في بناء مجتمع متماسك خالٍ من التنمر والعنف معًا يمكننا إيقاف التنمر وبناء مستقبل أكثر إشراقًا للجميع.