بني آدم ضعيف.. عبارة صحيحة جدًا ومتداولة في الأوقات التي يُهْزَم فيها هذا الكائن لأي سبب كان، فسبحان مقلب القلوب الذي يُحّول كيانًا شامخًا كالجبال الراسية إلى طِفلٍ لم يتجاوز السنوات الخمس من عمره أحيانًا، وأخرى تجد فؤادًا كالنسيم تَحَوّل على حرائق عاتية تأتي على كل مايقف أمامها دون شفقة أو رحمة.
بسكوتة.. تطلق أحيانًا على صاحب الروح الهشة الحنونة وإن كان لا يبدو عليه ذلك لولا أن الله جل في علاه قال: ( لولا أن ربطنا على قلبها ) لكان حتمًا في عداد المجانين.
ما المحرك!!
لماذا نصمد في موقف وتنهار جميع حواسنا في موقفٍ آخر أقل أهمية، إن كان سبحانه يمْنَحُنا السكينة والطمأنينة في أعتى الظروف، فكيف تُنْتَزع هذه لِقطّة دُهِسَت على الطريق.
وهل لنا أن نملك رفاهية الثبات لولا أنه قال سبحانه: ( هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانًا مع إيمانهم ).. حقًا لا نملكها إنما تُمْنَح لنا.
وهل من الممكن أن نملأ أفئدتنا الفارغة جرّاء الحزن أو ألم الفقد الموجع كي لا ينفطر، أو الشعور المتّقد كأن القلب قد يخرج من مكانه.
مما يعيننا أحيانًا في اعتقادي الشخصي في حالة الفقد أن نكون أقرب ما يكون ممن نحب، أن نتمكن من التخفيف عنهم وسماع شكواهم وأنّاتهم كيفما كان سواء معنويًا أو نفسيًا، جميع الكلمات والمشاعر تترجم عبارة ( أنا أقف بجانبك ولن أتخلى عنك ).
حجم الألم الذي يصرخ فينا عند عدم مقدرتنا على لمس أولائك الأشخاص أو احتضانهم، أو تقديم يد العون بأي طريقة ممكنة، أن نشهد حالات الضعف التي تعتري المقامات العالية والقدوات العظيمة التي عاشرناها.. وفجأة
دون سابق إنذار أو بوادر لما سيحصل، الصرخة التي تخرج منّا رغمًا عن وعْيِنا وثَباتِنا.. لولا أن ربطنا على قلبها..
نوبات البكاء والعويل.. لولا أن ربطنا على قلبها..
التصرفات غير المحسوبة.. لولا أن ربطنا على قلبها..
ثم الداعمون المعينون.. المنقذون.. من ندرك من صميم أرواحنا أنهم لن يتخلّوا عنّا في أحلك ظروفنا، سيقفون كالجدار العظيم ليسندوا ضعفنا وانهيارنا، اطمئنانهم المستمر عن صحتنا النفسية حتى لا نفقد مكانتنا في نظر أنفسنا.
نحن ممن لا يملك رفاهية الانهيار.. مؤذٍ جدًا، لكننا نستعين بالله تعالى، لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين.
سيدة الميزان
شذى عزوز