يمكن أن نعرف التنوير:
بأنه مشروع عمل وجهود جبارة في كافة المجالات لتحقيق التنمية والأداء الاقتصادي الأمثل، وتحقيق الاكتفاء الذاتي للتخلص من المعيقات المختلفة .
وهو القدرة على التعامل مع كل جديد عن طريق إطلاق العنان للعقل وتشكيل الوعي القادر على التعامل مع الماضي بدون عداء أو تبعية ،هو الإرادة الناضجة لتغيير الحاضر وفكفكة كل مايعيق التطور والبناء ، والتخطيط الأمثل للمستقبل بصناعة جيل قادر على استخدام الوسائط السيبرانية وامتلاك الفعل في إدارة وإنتاج الوسائط الحديثة .
التنوير : هو الوعي الذي يحمل ثمار التغيير ومسايرة التطور الحضاري والمعرفي ..
هو حالة التجدد المستمر في كافة المجالات توازيا مع التقدم العلمي والتقني المتسارع .
التنوير هو نشاط العقل وسلطته على الواقع لإحداث قطيعة مع كل معيقات التنوير وذلك باعتماد فكر نقدي متجدد لتحريك وزحزحة الفكر الراكد الصلب الذي يرفض كل جديد ولايهمه حالة الفوات الحضاري مع بقية أنحاء العالم .
ويمكن القول أن التغيير التنويري ليس حركة عشوائية ولا يحدث محض مصادفة ، هو فعل إرادة واعية ، لايقوم بها إلا مفكر مبدع أو حاكم عبقري أو مصلح شديد الحساسية يريد دفع البلاد والعباد إلى حياة أكثر تطورا وراحة في كافةالمجالات ،سواء العلمية والثقافية والفكرية والاجتماعية .
والتنوير لايعني القطيعة مع الماضي ..صحيح أن التنوير يسعى لهدم كل مايعيق التقدم،
أو مايلغي الدور الفاعل لفئة أو شريحة في المجتمع ..فهو يهدم ويزيح القيم البالية التي تثقل الواقع بأمراض مزمنة وتدفع المجتمع لحالة من الجمود المعرفي والاستعصاء الحضاري ، وبالمقابل يسعى التنوير لتثبيت كل ماتأكدت جدارته ومنفعته والعمل لاستثمار وتدعيم كل نقاط القوة التي تساعد في التقدم الإنساني والمعرفي الذي يتوافق مع التطور والتحديث ...
ولايمكن أن نتحدث عن التنوير من جانب التطور التقني والعلوم بل يجب أن يتوافق مع قيم إنسانية راقية في احترام الكرامة الإنسانية وتقديرها وتطبيق القانون العادل على الجميع، وحصول المرأةعلى حقوقها بالكامل وتمكينها من أخذ دورها الفاعل في الأسرة و المجتمع، وأهم مرتكزات التنوير هو الاهتمام بالعلم وتنمية الإبداع وتقدير المبدعين ..والعمل على تحسين الحياة المعيشية في البلاد ليس اقتصاديافقط لأن التنمية الاقتصادية دون غيرها من نواحي الحياة تجعل التنوير منقوصا .
إذا فالتنوير هو دينامية تفعيل الوعي ليشمل كل مجالات الحياة الثقافية والاجتماعية والتربوية في جملة من العلاقات الإنسانية يحكمها القانون والحرية والكرامة الإنسانية .
هكذاويكون أساس التنوير في حرية العقل وحسن استخدامه بشكل فعال لبناء حالةراقية من الوعي المجتمعي، وعي قادر على حل وتجاوز المشكلات الخلافية، وعي يتمتع بالإرادة القوية والاجتهاد الحقيقي لتجاوز المعيقات و الخروج من قيود الماضي لإثبات ذاتنا وقدرتنا في مواكبة الحضارة ..
لابد لنا من إعادة عصر التنوير التي قدمته الثقافة العربيةفي يوم من الأيام للعالم أجمع بعلمائها وعلومها وإنجازاتها الحضارية التي بنيت عليها حضارة الغرب الحالية ...
ويمكنني القول أن التنوير هو استخدام العقل ولكن لكل تنوير خصوصيته وواقعه ..فلايمكن أخذ أفكار النماذج الغربية الجاهزة وتطبيقها على الواقع عندنا ...فأي فكر مستورد وأي ثقافة مجلوبة من مناخ مختلف ستقابل بالرفض والاستهجان ولاتتناسب مع واقع لم ينتجه أصلا ...
لابد أن يكون التنوير نابع من خصوصيتنا ويحمل هويتنا وإرثنا الثقافي ..نستحضره من مواطن القوة في تراثنا ... نأخذ من غيرنا فقط مايتناسب مع خصوصية مجتمعنا .. مايطورنا ويفيد حياتنا ..نأخذماينفعنا من التقنية و العلوم والفكر والفنون ونمزجه بما لدينا ونرفض مالايتوافق مع تراثنا ..
وبذلك يتحقق التنوير في اللحاق الحضاري المتسارع بعجلة التطور بدل ان نبقى نرزح تحت تدن ثقافي يبقينا مرتهنين للماضي أو
متمترسين ومهمشين في مكاننا عاجزين حتى عن رد الفعل أمام التسابق المعرفي والتقني .
نهاية إن مقام أي إنسان يتشكل من نشاطه العقلي والأثر الإيجابي لاستخدام هذا العقل وفوائده على أرض الواقع .
وأخيرا لنؤمن بأنفسنا وعقولنا وقدرتنا للوصول لنقطة الإقلاع الحضاري .
الكاتبة : هيام نحلي