المتابع لأعمال وأنشطة شركات الطوافة يرى أن هناك من يتحدث بلغة القلب المرتبطة بالعاطفة ، ويتجاهل لغة العقل المرتبطة بالواقع والأرقام ، فنجدهم يتغاضون عن الحقيقة ، ويرون أن الأخطاء التي ارتكبها البعض من رؤساء وأعضاء مجالس الإدارات ، واردة كنتيجة طبيعية للأعمال التي قاموا بها ، حتى وإن تسببت في إلحاق خسائر مالية تتجاوز عشرات الملايين .
وإن كان الخبراء الماليون قد حددوا عدداً من الإجراءات التي يمكن أن يتخذها المساهمون في الشركات ، إذا كان أداء أعضاء مجلس الإدارة لا يلبي طموحاتهم ، ولا تظهر نتائجهم الإيجابية على مستوى الخدمات المقدمة والأرباح الموزعة على المساهمين ، فإن نظام الشركات الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/132) وتاريخ 1 / 12 / 1433 هــ ، قد ضمن حقوق المساهمين ، وأوضحت المادة الثامنة والعشرون: مسؤولية الإدارة ما يلي :
1 ــ يكون المدير وأعضاء مجلس الإدارة مسؤولين بالتضامن عن تعويض الشركة أو الشركاء أو المساهمين أو الغير عن الضرر الذي ينشأ بسبب مخالفة أحكام النظام أو عقد تأسيس الشركة أو نظامها الأساس، أو بسبب ما يصدر منهم من أخطاء أو إهمال أو تقصير في أداء أعمالهم. وكل شرط يقضي بغير ذلك يعد كأن لم يكن.
2 ــ تكون المسؤولية إما شخصية تلحق مديرًا أو عضوًا بذاته، أو مشتركة على جميع المديرين أو جميع أعضاء مجلس الإدارة إذا كان القرار صادرًا بإجماعهم، وإذا صدر القرار بأغلبية الآراء فلا يسأل المديرون أو الأعضاء المعارضون متى أثبتوا اعتراضهم صراحة في محضر الاجتماع. ولا يعد الغياب عن حضور الاجتماع الذي يصدر فيه القرار سببًا للإعفاء من المسؤولية إلا إذا ثبت عدم علم المدير أو العضو الغائب بالقرار أو عدم تمكنه من الاعتراض عليه بعد علمه به " .
وإن كانت وزارة الحج والعمرة كجهة إشرافية على أعمال شركات الطوافة ، تمتلك الصلاحية في فرض العقوبات بحق المخالفين ، وفقا للائحة التنفيذية لنظام مقدمي خدمات حجاج الخارج ، سواء كانوا رؤساء أو أعضاء مجالس إدارات ، أو رؤساء مراكز خدمات ميدانية ، فإن عقوبتها المالية التي لا تصل للمائة ألف ريال ، ليست بالكافية أو المجدية بحق عضو مجلس إدارة ، لأن مخالفة رئيس أو عضو مجلس الإدارة تسبب في الإساءة للخدمات المقدمة لضيوف الرحمن ، وإظهار الشركة ومكانتها أمام عملائها بصورة سيئة ، إضافة لإلحاق خسائر مالية للشركة تتجاوز عشرات الملايين ، وكنا نأمل أن تسعى الوزارة التي اشارت في لائحتها التنفيذية إلى التزامها بــ " نظام الشركات الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/3) وتاريخ 28/01/1437هـ ولوائحه التنفيذية وأي تعديلات لاحقة عليه " ، أن تسعى لتطبيق نص الفقرة ( 1 ) من المادة الثامنة والعشرون من نظام الشركات ، ومطالبة الشركات بتطبيق نظام حوكمة الشركات الذي عرفته هيئة السوق المالية السعودية بأنه " القواعــد التي يتم من خلالهـا قيادة الشـركة وتوجيهها وتشــتمل على آليات لتنظيم العلاقات المختلفة بين مجلس الإدارة والمديريــن التنفيذييــن والمسـاهمين وأصحاب المصالـح، وذلك بوضع إجراءات خاصة لتسـهيل عمليــة اتخاذ القـرارات وإضفاء طابع الشـفافية والمصداقية عليها بغرض حماية حقوق المساهمين وأصحاب المصالـح وتحقيق العدالة والتنافسـية والشفافية في السوق وبيئة الأعمال " .
كما عُرّفت بأنها : " بأنها مجموعة من القواعد والممارسات والضوابط الرقابية التي تهدف إلى ضمان قيام الإدارة باستخدام أصول الشركة المادية والمعنوية بأمانة لمصلحة المساهمين أو تمكين المساهمين وغيرهم من دوى المصالح بالشركة من ممارسة حقوقهم وحماية مصالحهم′′.
وإن رأت الوزارة كجهة إشرافية على شركات الطوافة أن العقوبة
المالية كافية ، فأقول إنها غير مجدية ، ولابد أن تكون هناك عقوبة مشددة تتمثل في إعفاء العضو المتسبب في المخالفة من عضويته بمجلس الإدارة ، ومنعه من الترشح للانتخابات القادمة ، لأن مخالفته جاءت للإضرار بخدمات الحجاج ، لكن ان يبقى العضو المخالف في منصبه ، فمن المؤكد أنه سيستمر في مزاولة عمله ، وسيسعى لتعطيل بعض الأعمال لتبرئة موقفه ، وتحميل أعضاء آخرين لا ذنب لهم مخالفات أخرى ، وتعيش الشركة في عالم ملئ بالمخالفات كل عام ، لتختتم موسمها الأخير بإعلان إفلاسها ، وخروجها من السوق .