لم تكن القيم الإنسانية يوما مفاهيم نظرية ، أو كلمات عابرة يطلقها البعض ، لكنها مواقف تثبتها الأقوال حينما تتحول إلى واقع عملي ، وإن كانت أقوالنا التي نُسمعها للآخرين ، وحروفنا التي نكتبها لا تجسد الواقع لأفعالنا وتصرفاتنا ، فهذا يعني أن النفاق ترسخ في سلوكياتنا ، وإن كانت القمة تعني التربع على قمة منصب فعلى صاحب المنصب أن يكون أكثر تواضعا ، صادقا في عمله ، لا يستغل منصبه لصالحه ، والقائد الناجح هو من يسعى لتحقيق نتائج ترضي جميع الأطراف .
والقيادة الإدارية التي " تجمع في هذا المفهوم بين استخدام السلطة الرسمية وبين التأثير على سلوك الأخرين و استمالتهم للتعاون لتحقيق الهدف " ، فإنها تحتاج لشخص متواضع يحترم الآخرين ويقدرهم ، وليس شخص مغرور مغرم بالمنصب ، ومتشبث به هدفه إثبات وجوده وإن كان على الرصيف .
ومن كان ساعيا لاهثا خلف الكرسي حتى وإن كان كرسي الحلاق ليرى نفسه في المراءة منتفخا متورما بالغرور والكبرياء ، باثا الدسائس والحكايات مؤلفا الروايات ، مهاتفا من خلف الجدران ليجمع فتات وشتات أصوات تدعمه وتؤيده ، فأقول له لا تزهر ولا تزدهر بالجلوس على كرسي ليست مؤهلا له ، والمحترم هو من يحترم نفسه ويغادر موقعه قبل أن تتم اقالته قصرا ويغادر وشلته مواقعهم .
واحترام الإنسان لنفسه يمثل الأساس لاحترامه للآخرين ، ومن احترم ذاته ووثق بنفسه فسيكون قادراً على أن يعرف قدرها ، ويدرك أن قيمته مرتبطة بسلوكه وتعامله مع الآخرين .
والمحترم من يتحمل المسؤولية ، ويعترف بأخطائه ولا يجبر الآخرين على تغيير مواقفهم لكونه المسؤول الأول ، ويتجنب كراهية الآخرين والحقد عليهم إن أثبتوا نجاحهم ، وحصدوا محبة الاخرين لهم .
ويؤكد علماء النفس أن احترام المرء لذاته ركيزة أساسية يحتاجها في مواجهة تحديات الحياة ، وأن معظم قراراته وتصرفاته تنطلق من هذا الاحترام وهوما يقود إلى تحقيق التوازن النفسي الذي يستطيع من خلاله أن يتعامل مع الآخرين وينال احترامهم.
والإصغاء للآخرين وتقبل وجهات نظرهم يمثل ركيزة أساسية لاحترام الذات ، لأنه يفتح المجال للاستماع لوجهات نظر الآخرين ، ويحوله إلى نقاش موضوعي ومفيد وناجح ، فهو يلغي كافة أشكال التعصب للرأي وعدم قبول الرأي الآخر.
وقال الشافعي : " ما ناظرت أحداً إلا قلت اللهم أجرِ الحق على قلبه ولسانه، فإن كان الحق معي اتبعني وإذا كان الحق معه اتبعته ".
وقال غاندي: " الاختلاف في الرأي ينبغي ألا يؤدي إلى العداء وإلا لكنت أنا وزوجتي من ألد الأعداء " .