(زلزلة المشاعر والقلوب )
تكلم الجميع عن الزلزال الأكبر في منطقة الشرق الأوسط والذي امتدَّ من قوته وحجمه من تركيا إلى مصر ، وتكلم البعض عن المساعدات الإنسانية والإغاثية ،والبعض الآخر تكلم عن الكوارث التي أحدثها ، ولكن لم يتطرق أحد عن الرسالة الإلهية لهذا الزلزال العظيم لجميع سكان الأرض .
وكلمة : زلزلة ، تتألف من تكرار فعل : زلَّ ،زلَّ ..ولها معنيين في اللغة الأول بمعنى أخطأ أو تعثر ، والثاني وهو الأهم والأعمق تحريك وزلزلة القلوب وإيقاظ المشاعر .
وحسب ما نراه الآن في هذا الكويكب بأنَّ ساكنوه قد تمادوا في غيّهم وطغى الظلم وتعالت أصوات شياطين الإنس بالدعوة علناً للفساد في الأرض وظهر طغيان الحياة المادية الذي هيمّن على الغالب إلا مارحم ربي ، وعندما يبلغ الغيّ قمته وجب التدخل الإلهي والله جلَّ جلاله لا يُكلم ولا يُحذِّر عباده بالكلام بل برسائل تحذيرية أولاً لأنه العدل ولا يظلم ربك أحداً وأحد هذه الرسائل كان ذاك الزلزال الذي نكب عدة دول ، وهو تحذير شديد للقاصي والداني وأيضاً منبه يدعوا إلى الاستيقاظ من الغفلة للغافلين عن ربهم وللغاوين الذين غرقوا في أوحال الدنيا وملذاتها وللذين أهملوا الجانب الروحي والقلبي المتعلق بالله عزَّ وجلَّ .
والرسالة كأنها تقول لبقية الخلق : بأن الله تعالى ليس ببعيد عمن ظلم نفسه وليكن هذا الحدث عبرة لهم ، وأين المهرب من غضب الجبار إذا انُتهِكت محارمه ؟ .
الزلزال هو رسالة تحذير للرجوع إلى الله والكف عن الظلم والابتعاد عما حرّمه الله أي اتقاء محارمه كما جاء بالحديث القدسي : " ألا لكل ملك حمى ، وحمى الله محارمه " .
هذا الحدث الذي نستشعر بأنه عظيم وكارثة عظمى لم يكن إلا رسالة صغيرة لحدث أكبر وأعظم تذكير لجميع العباد بسورة الزلزلة تلك الزلزلة اقتربت يوم لا ينفع عمل ولا صلاة ولا استغفار إلا من أتى الله بقلب سليم ، قلب خالي من الحسد والظلم والنميمة خالي من كل شيء إلا حبُّ الله تعالى ، قلباً صافياً لا يحمل حقداً ولا ضغينة على أحد من الخلق ، ذلك اليوم : ( وأخرجت الأرض أثقالها ) والأثقال هي أعمال الخلائق لذلك يستغرب الإنسان عندما يشاهد هذا المنظر المرعب فيقول : ( ويقول الإنسان مالها ) ولولا أن تكون قرآن يتلى لوضع في آخرها إشارة استفهام وتعجب لأنَّ كلمة ( ما ) أداة استفهام ، ثمَّ يأتي شرح الأثقال : ( فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره ) .
اللهم إنّا نعوذ بك من الغفلة عنك ونعوذ بك من انتهاك محارمك تبنا إليك وأنت أرحم الراحمين .
بقلم :🖋️ البتول جمال التركي