أبدأ مقالي هذا بتسائل كيف يمكن لشخص أن يصل إلى المرحلة العمرية الآن وهو ما يزال لا يملك أقل مهارات الكلام ولا أن يفكر قبل أن يتفوه بكلمة حتى لا يسبب جرح للشخص الذي أمامه؟
ومذكراً الجارح ينسى ولكن.. المجروح ما ينسى. فأقول
إياكم و جرح القلوب و النفوس بسيف الكلمات الجارحة ،
فإن نُطق الكلمة يستغرق ثوانى..
و لكن جرحها يكون عميق الأثر، و يحتاج سنوات حتى يلتئم ويبرأ و إن كان كثيرآ من الأطباء لايستطعون علاجه، لأنه مطعون بسيف مسموم، فيا سبحان الله، كلمة جارحة يطلقها بعض البشر من غير أن يلتفت لما تخلفه في النفس من تهشم، أو انكسار، أو جروح، فهنالك بشر استبدلوا بقلوبهم أحجاراً، أو يكادون، لا همّ لهم سوى التذمر والإساءة للآخرين قولاً، وفعلاً ولايرون أخطائهم وهذا شغلهم الشاغل من قلة الوعي.
ولكن لكي أكون ناصحاً لهم ولنفسي أولاً.. فلنغير هذه الخصلة إلى اخرى وهي، المبادرة ذات القيمة الحسنة، وترك بصمة في حياتنا فالعبرة كل العبرة في عمل القلب مع عمل الجوراح، بحبك وتقربك للآخرين وترك بصمة إيجابية في الحياة فهذا هو الذي سيبقى، فمن أراد أن يكون له أثر، فلاتحقرنّ صغيرةً فإن الجبال من الحصى، فلتبدأ بأسهل الأمور وإنما الأعمال بالنيات فالأمر مثال بسيطٌ جدًا، ربما ابتسامة تبتسمها لشخص تبث في نفسه الأمل بعد اليأس وتبسمك في وجه أخيك صدقة، أو أن تقول كلمةً طيبةً تجعله من قحط نفسٍ إلى واحةٍ خضراء، أو أن ترفق برجلٌ كبير في السن أنقضت كل أيامه في كبد، أو أن ترشد شخصاً ضل الطريقٍ وتدله لأسهل الطرق، أو أن تدخل السرور على قلب طفل، أو أن تضع لقمةً سائغةً في فمِ جائع، أو أن تمسح بيديك الحانية على رأس يتيم، أو أن تسعى بمساعدة مخلوق وأنت في عملك، لأن إذا وضعك الله في مكان تستطيع من خلاله التيسير على الناس فيسٍّر، فإنك لا تدري ما يقدره الله لك من الخير بسبب دعوة صادقة من أحدهم، فربما كان بينهم من لو أقسم على الله لأبره. أو أن تساهم في مساعدة محتاج.
فبذلك نبدل الكلمات الجارحة لكلمات وأعمال مفرحة.
بالله عليكم كم بقي من عمري واعماركم؟
كثير هم البشر الذين مروا على هذه الحياة دون أثر، ثم ارتحلوا رحمهم الله لكن كان من بينهم بشر أبوا الرحيل إلا بترك الأثر، فمازالت بصماتهم بارزة ومعالمهم براقة واضحة تُعجب الناظرين، قد ارتحلوا نعم! لكن باقية ذكراهم الحسنة بين الأحياء، لذا يجب أن يكون لكل إنسان وجود وأثر، ووجوده لا يُغني عن أثره، ولكن أثره يدل على قيمة وجوده، فافعل الخير ولو بكلمة طيبة، فهو الشيء الذي لا يختفي حين تغيبُ أنت.
وأخيراً ما أجمل أن نزرع الخير في كل وقت وفي كل مكان. نعم البصمة الجميلة هي الأثر الباقي وإن غاب صاحبها. وما أجمل أن ننتقي كلماتنا ونتلطّف بأفعالنا، وألا نؤلم أحدا، ونقول للناس حسنا.. سنرحل ويبقى الأثر! والله من وراء القصد.
* همسة *
لكـ ـل أنسان : بصمة يمتاز بها عن الغير
البعض بصمته الحكمة، وآخرين بصمتهم الصدق،
والبعض بصمتهم العقل، ولكن الأخلاق الحسنة تجمع جميع البصمات وتبقى لك بصمة لن تزول حتى بعد رحيلك تمسك بأخلاقك ترتقي