قد يكون عنوان المقال مثيرا لدى البعض ، فيطرحوا أسئلتهم واستفساراتهم عن هذا الدكتور ، متسائلين من هو ؟
وكيف به أن يعمل في نشاط مخالف لأنظمة الدولة وقوانينها ؟
ومثل هذه الأسئلة وغيرها حق مشروع لكل قارئ ، لكن قبل أن يسعى لطرحها فعليه أن يسأل عن غسل الأموال ، ماذا تعني هذه الكلمة ؟
وما هو ضررها على الاقتصاد والمجتمع ؟
الحقيقة أن الدكتور/ إحسان صالح المعتاز ، أستاذ المراجعة وحوكمة الشركات بجامعة أم القرى ، أخذنا في رحلة ممتعة فكشف في لقاء توعوي ، نظمته جمعية عون التقنية بعنوان: (التقنيات الحديثة في غسيل الأموال) قبل أيام مضت ، بحضور عدد من منسوبي القطاع غير الربحي والخاص والمهتمين من أفراد المجتمع ، وتشرفت بحضوره عن غسل الأموال الذي بتنا نسمع عنه بين الفينة والأخرى لكننا نجهل معناه .
فأوضح الدكتور إحسان في بداية حديثه أن كلمة غسل ، تعني لدى البعض إدخال الأموال إلى مغسلة وغسلها كغسل الملابس ، وهذا المفهوم هو السائد لدى الكثيرين ، لكنه في لغة العلم يعني " جريمة اقتصادية تهدف إلى إضفاء شرعية قانونية على أموال محرمة، لغرض حيازتها أو التصرف فيها أو إدارتها أو حفظها أو استبدالها أو إيداعها أو استثمارها أو تحويلها أو نقلها أو التلاعب في قيمتها إذا كانت متحصلة من جرائم مثل زراعة وتصنيع النباتات المخدرة أو الجواهر والمواد المخدرة وجلبها وتصديرها والاتجار بها " ، ومن التسمية واسبابها ، أخذنا الدكتور المعتاز في رحلته إلى مراحل غسيل الأموال ، فتعرفنا على خطورتها على المجتمع وأفراده ، وعرفنا طرقها ، ووقفنا على خطورتها ، وجهود المملكة في مكافحتها كجريمة لا تمس الاقتصاد الوطني وحده ، بل تذهب للإضرار بالأفراد والمجتمع ، مبينا ما تضمنه نظام مكافحة غسل الأموال بالمرسوم الملكي رقم م / ٣١ بتاريخ ١١ / ٥/ ١٤٣٣هـ، الذي جاء على ٣١ مادة ، وصدور نظام مكافحة غسل الأموال الجديد الصادر بالمرسوم الملكي رقم م / ٢٠ وتاريخ ٥ /٢ / ١٤٣٩هـ؛ الذي أتى بنصوص وإجراءات تتضمن عقوبات صارمة للحد من وقوع هذه الجرائم .
إضافة إلى تصديق المملكة على الاتفاقية العربية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعد هذه الاتفاقية أحد جهود المملكة الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب .
واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية الصادرة عام ١٩٨٨م ، والتي ساعدت في الحد من جريمة غسل الأموال بشكل غير مباشر بمجرد مكافحة الاتجار بالمخدرات والمؤثرات العقلية .
وقد أجاد الدكتور إحسان في قوله إن " العمليات التي يقوم من خلالها المجرمون بإضفاء صفة المشروعية على نشاطات إجرامية " وبين أن عمليات غسل الأموال تشكل خطراً جسيماً على الجانب الاقتصادي والاجتماعي . وقبل الختام حذر الدكتور المعتاز من الاسنياق خلف كلمات الاستعطاف التي نسمعها أمام أجهزة الصرف الآلي بطلب هذا أو هذه إجراء تحويل بسيط مبينا أن التحويلات المالية هي من أبرز القنوات التي يتم استغلالها في تمرير عمليات غسل الأموال ، لذلك يجب أن يحذر الجميع عند طلب شخصٍ ما تحويل مبلغ مالي من حسابك إلى شخص غير معروف لديه بأي حجة كانت ، فقد يكون هذا الشخص مشتبهاً فيه ورقم الحساب خاضع للمراقبة لدى الأجهزة الحكومية .
وإن كنت أشكر جمعية عون للتقنية على دعوتي ، وللدكتور إحسان المعتاز على محاضراته ، فإنني أدعو إلى ضرورة تنفيذ مثل هذه الندوات واللقاءات لنكون أكثر وعيا وإدراكا بالمخاطر التي تحيط بنا ، فالتوعية ليست ندوة أو لقاء ، لكنها دعوة للانتباه والسير في الطريق الصحيح ، وتجنب المخاطر .