(صلالة بين الحضارة والأصالة )
يُقال : من سمع ليس كمن رأى .... وأنا كنت ممن سمع فقط ، ولكن بعد أن حطَّت بنا الطائرة أرض صلالة حتى بدأتُ أشعر بأنني سوف أقضي إجازة مميزة ورائعة ، وهل صلالة كما يقولون عنها ؟ .
كانت ابتسامات الترحيب الصادقة و( النابعة من قلوب صافية ) هي السمة التي لفتت نظري لأول وهلة في أهل صلالة كبيرهم وصغيرهم ومن المطار إلى محل إقامتنا أنا وبناتي في أحد أجمل فنادقها وإطلالاتها الرائعة .
وبما أنني محبة للسفر فقد زرت العديد من مدن العالم من شرقه إلى غربه فأجد أحياناً جمال الطبيعة ولكن أفتقد الأُنس والسكينة أحياناً فتبقى الذكريات ناقصة مبتورة .
إلا صلالة فقد جمعت بين جمال طبيعتها وسحر تنوع تضاريسها واعتدال مناخها ودماثة أخلاق أهلها وحسن استقبالهم ومنتهى كرمهم الذي لا يُضاهى بل يجعل الضيف في دهشة .
وأما الطبيعة فما جمعته هذه المحافظة من تنوع فهو أقرب للعجب منه إلى الحقيقة فقد جمعت بين أجواء البحر والصحراء والجبال والغابات والخضرة وتلونت بألوان الربيع الضاحك جميع فصول السنة وقد رأيتُ ولمستُ جنة الله في أرضه وأمَّا العيون في صلالة أشهر من أن أشيد بها فقد كنت رأيتها سابقاً بالصور ولكنني اليوم أقف على حافة الجبل حيث أسمع خرير المياه المتفجرة من عِدَّة مواضع من الجبل تنساب من بياضها كأنها الثلج الناصع البياض لتشكل بركة من ماء عذب سائغ صافٍ كالزلال ، ورسمت بذاكرتي لوحة نفيسة نادرة كأنها لوحة فسيفساء جمعت كل الألوان في مكان واحد .
ثمَّ توجهنا إلى قلاعها الأثرية الغارقة في القدم حيث تعود إلى القرن الثالث عشر ميلادي تحكي حجارتها عن حضارتها حيث كانت مصدر اللّبان الشهير والمميز وقد ذكرها أغلب الرحالة في كتبهم ومنهم : ابن بطوطة وماركو بولو .
صلالة الأصالة إذا ذُكرَ اللبان ذُكرتْ ظفار وصلالة التي جمعت بين سحر الحاضر الممزوج بعبق الماضي وأضاف إليها أهلها جمال ورقيِّ أخلاقهم .
لم أشعر في يوم من الأيام بأنني عاجزة عن إيجاد كلمات شكر تليق بمن قدَّم لي شيئاً ، إلا لأهل صلالة فقد كانوا فوق كل كلمات الشكر ووقفت الكلمات والمفردات متواضعة أمام كرمهم ودماثة أخلاقهم ورقي تعاملهم .... أعجزتموني عن شكركم يا أهل صلالة والأصالة ......
بقلم 🖋️ البتول جمال التركي