الصلاة إحدى أركان الإسلام الخمسة ، وجاءت نصوص الكتاب والسنة مبينة منزلتها وفضلها ، وأن التهاون في شأنها فيه وعد وعذاب أليم .
فمنذ أن فرض الله على المسلمين إقامتها بين النبي صلى الله عليه وسلم كيفية آدائها فقال ( صلوا كما رأيتموني أصلي ).
وقبل الدخول في الصلاة هناك أذان : وهو إعلام بدخول وقت الصلاة ، وإقامة : وهو إعلام بمباشرة أفعال الصلاة من قيام وقراءة وركوع وسجود وغيرها .
وهذه الشعيرة العظيمة التي جات لتحسن علاقة المسلم مع ربه كان من حق المسلم أن يكون حريصا على وقتها للوقوف بين يدي ربه مناجيا سبحانه وتعالى راجيا لثوابه خائفا لعقابه .
ولما كان الأذان إعلاما بدخول وقت الصلاة وكثرت المدن ، وازداد السكان فيها اتخذ الناس مكبرات الصوت لاستخدامها في الصلوات وذلك لدعوة الناس إلى الصلاة .
إن الحكمة تقتضي مراعاة الحقوق بين العباد ، ومن بينها عدم إلحاق الضرر بالغير سواء كان ضررا حسيا أم معنويا ، وهذا الأمر يعتبر مناقضا لرسالة الإسلام الخالدة التي جاءت رحمة للعالمين .
فمن هنا نجد حرص معالي وزير الشؤون الاسلامية والدعوة والإرشاد الدكتور الشيخ عبداللطيف بن عبد العزيز آل الشيخ - حفظه الله - في قيامه بواجبه نحو مسؤوليته الملقاة على عاتقه في تسيير العمل الاسلامي القائم على أسس متينة في دعم الوسطية ونبذ التطرف أصدر قرارا بمنع رفع مكبرات الصوت في مساجد المملكة العربية السعودية إلا عند الأذان والإقامة فقط ، مبيتا أن الوزارة لم تمنع واجبا أو مستحبا ، ولم تفرض محرما أو مكروها ، ولكنها مع سماحة الإسلام وحسن تعامله مع الكل بالتي هي أحسن .
وقرار الوزير نجد أنه يشير إلى أن هناك من منع هذه الأجهزة بل وصل الأمر إلى تحريمها إن لم تكن هناك مصلحة ، وفصل كثير من العلماءفي ذلك تفصيلا.
فمن الأئمة القدماء شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (61/32) من مجموع الفتاوى : ( ليس لأحد أن يجهر بالقراءة بحيث يؤذي غيره كالمصلين )
ومن المعاصرين : سماحة مفتي عام المملكة العربية السعودية الأسبق العلامة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله في الفتاوى (402/2): ( أمَّا إذا صار الجماعة محصورين ويسمعهم الإمام فلا حاجة إليه ولاينبغي ، لأنه يحصل فيه تشويش ، بل لايجوز ، لأن القصد الشهرة والسمعة ، القول الذي هو القول بالجواز عند الحاجة ).
فهذه القضية هي قضية اجتهادية تحمل إلينا فوائد عظيمة من أعظمها حرص المسلم على الحضور مبكرا في المسجد للصلاة دون ان ينتظر سماع مكبرات الصوت ، إضافة إلى أن الوزير نفسه قبل أن يكون وزيرا فهو فقيه من الفقهاء المعاصرين يجمع بين الرواية والدراية ويستأصل المسائل الفقهية مستندا إلى أقوال الفقهاء وآرائهم قديما وحديثا مراعيا المصلحة العامة التي جاءت الشريعة الإسلامية لتحقيقها ، وفي ذلك تنفيذ لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الامين الامير محمد بن سلمان حفظهما الله في خدمة الإسلام والمسلمين.
بقلم الشيخ : نورالدين محمدطويل
إمام وخطيب المركز الثقافي الاسلامي بدرانسي شمال باريس في فرنسا