قبل أن تؤمن بشيء آخر لابد من ملاحظة انه يجب عليك الإيمان بذاتك وحقيقتك وقوتك وضعفك وعقلك وقلبك وكل ما خلقه الله فيك؛ لتعرف أسرار نفسك، وعظم خالقها.
قال تعالى: {سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق}.
إن ما خفي في هذا الكون والفضاء الهائل أعظم بكثير مما تم اكتشافه فيه، حتى في أدق ما توصل اليه علماء الفيزياء والكيمياء والفيزياء الحيوية من معرفة الجين المتناهي الصغر داخل-اللجين -الموجود داخل الخلية البشرية، ورصدوا لحظة ولادتها في الخلية وانقسامها بالفيمتو ثانيه (جزء من مليون مليار جزء من الثانية) لم يفهموا شيأً عن العواطف في النفس البشريه، بل لم يدركوا اين العقل؟ هل هو في القلب أو الدماغ؟.
كل هذا لن يزيدنا إلا إيمانا بالخالق سواء آمن من اكتشف أو ازداد كفراً، كل الخيارات مفتوحة أمام الناس للشك اوالكفر أو للإيمان، لكنهم بعد أن رأوا ويرون آيات الله، منهم من آمن وأخفى إيمانه، ومنهم من استكبر! والبصيرة هنا أولى من البصر؛ لأن عمى البصيرة في العقول -التي ربما تكمن في قلب كل خلية -من جسد الإنسان، وكما أن نور البصيرة يعطي للبصر صورة واضحة، فإن الايمان في القلب يعطي سلوكًا وخلقا جيدا وسليما ومحموداً.
الإيمان الداخلي يمنحك صحة وسعادة ورحمة وذوقا ورقيا، أما الإيمان الشكلي فلا يصدر منه إلا سلوكيات مشوهة (وإن خالها تخفى على الناس تعلم)، فالإيمان الداخلي له قبول من الله ومن الناس.
مطلوب منا أن نسعى جاهدين لتنوير بصيرتنا، وتعميق إيماننا ليكون نابعا من داخلنا بصدق واخلاص، لأننا متى كنا كذلك فإننا نجنب أنفسنا والآخرين كثيرا من الإشكالات الأسرية والمجتمعية والدينية، وما نشاهده الآن من قبح في السلوكيات والمشاحنات بين الأخوة وعقوق الوالدين ومخالفة الأنظمة والتعليمات ووجود الغش والخداع والفساد والسرقات والتزوير وغيرها من السلوكيات المشينة، يعود -للأسف- إلى أن إيمان مرتكبي هذه السلوكيات ماهو إلا شكليا وظاهريا ليس إلا ولا يختلف عليه اثنان، إذ لو كان الإيمان من دواخلنا فإننا لن نفكر مجرد تفكير في ارتكاب حتى بعض من صغارها.
الإيمان يا عزيزي هو يقين تام بما تقوم به وما تفعله من خير أو شر فان فعلت خيرا سينعكس -حتما- عليك في الدنيا قبل الآخرة، وإن كان غير ذلك فإنك لن تفلت من العدالة عاجلا او آجلاً.
تقوية الإيمان من الداخل، وربط علاقتك بالله مباشرة دون سمعة أو رياء، دون تعصب أومبالغة في الشكل أو في لحن القول، والكلام وبلا تنطع في العبادة والحرص على المساجد والجمعة والجماعة والعمرة والحج، حتى لا يتخذ منها ذريعة في ظلم من يحيط بك، وتحسب أن الله غافلا عما يعمل الظالمون؟!
الله -سبحانه وتعالى- ليس في حاجة لكل ما ألزمنا به من الفرائض والعبادات والصدقات بل إننا نحن من يجني فوائد قيامنا بها، قياما صادقا مخلصا لله عز وجل حتى تعود علينا هذه الأعمال بالخير كل الخير في الدارين، وإلا فإن عملك كسراب بقيعة، بقصد ودون قصد كلنا للأسف الا من رحم الله يعمل ذلك .
هاهي المساجد الثلاثة والجوامع مقفلة، ذلك لم ينقص من حكم الله شيء، وأنت في بيتك تعبّدالله بصدق واخلاص وسيقبل عبادتك الخالية من الرياء والمزايدة والتعصب والشكلانية.
اجعل الإيمان داخلك ولا تجعله شكلك، وتعبد الله في نفسك ولا تخرج غدا تزايد وتتعصب في دين الله، وتتكلم باسم الله وتدخل من تشاء في الرحمة وتبعد من شئت، لنكن غدا أشد ايمانا وأفضل سلوكا وندع الخلق للخالق، هذا ما سنفعله غدا في ظل نظام عالمي جديد.


1 comment
1 ping
عبد العزيز عبد الله عمر
11/04/2020 at 7:16 م[3] Link to this comment
كل اشكر ابا سامي على هذا المقال .