قد تحدث -أحيانا- جائحة، أو كارثة، أومصيبة فيصيبنا الضجر والاستياء الشديد ويدب الذعر والخوف والقلق والتوتر، لابأس في ذلك، ولكن يجب أن يكون في نطاق ضيق جدا ليس حفاظا على الصحة والحياة فحسب ،لكن للتصرف بعقل وحكمة وبما يتناسب مع الحدث أي كان، وفي هذه الفترة بالذات تذكرت قول أبي البقاء الرّندي:
لكل شيء إذا ماتم نقصان .. فلا يغر بطيب العيش إنسان.
هي الأمور كما شاهدتها دول .. من سره زمن ساءته أزمان.
الى اخر القصيدة الجميلة، التي عبر فيها عن التحول والتبدل للأحوال والدول كطبيعة الحياة، فهناك من ينظر للأمور دائما بعيون مظلمة سوداوية ويضع القبح في الجمال ويعجبني من يرى الجمال في القبح، فيعتبرون ويستفيدون ويفيدون المجتمع وينشرون التفاؤل والأمل لمن حولهم.
أي مصيبة أو كارثة لا شك تحدث ضررا ما، لكن هناك من يستغل الحدث للفائدة والعبرة والاعتبار، ويقيس به مدى نجاحه في تجاوز الحدث ومدى تعاون من حوله، ويعتبره مجرد تنوير وتبصير، وصدق الإمام الشافعي رحمه الله في قوله:
جزى الله الشدائد كل خير
وإن كانت تغصصني بريقي.
وما شكري لها حمداً ولكن
عرفت بها عدوي من صديقي.
ما حصل أزمانا متعدده يحصل اليوم في العالم، وتنتشر هذه الايام جائحة مرض أُستغِلَّت سياسيا ودوليا واقتصاديا وشعبيا وتعبويا لكل دول العالم، وكشفت عورات وحضارات هشه لدول وأخلاقيات زائفة، تبين لنا ماكان خافيًا عنا وكشف الغرب عن إنسانيتهم ومعنى حقوق الإنسان التي تغنوا بها، (كتبت عن ذلك قبل فترة بعنوان: "الأنسنه ضاعت في دارها")، وما حصل الآن إلا دليل واضح على فقدانها لديهم، لا عزاء لهم فيها، لكن العزاء للعظمة التي أسقطت عنهم، ونبارك لأنفسنا بما حققته المملكة العربية السعودية من عظمة استحقتها بجدارة واقتدار، وبفضل الله ثم بفضل قيادة رشيدة وشعب أثبت نفسه لقائده بأنه -فعلا- كجبل طويق الراسخ الشامخ،
فكانت للخطوات الاستباقية، والإمكانات الصحية، واتخاذ القرارات الصحيحة في وقتها، التي كانت سببا -ولله الحمد- في تسجيل أقل نسبة إصابة مقارنة بعدد السكان والمقيمين على أرضها، إضافة إلى عدم تسجيل أي حالة وفاة حتى الان، إنه دليل بالأرقام أثبتته القيادة التي لا يهمها إلا عز المواطن والمقيم ورفاهه وصحته.
لقد سمعنا ورأينا ما يقوم به ابطال الصحة والأمن المشكورين على تضحياتهم، وما يبذل من جهود، فازداد تلاحم الوطن، وثبت ذلك للعالم كله.
لم يطال الاهتمام بالمواطن في الداخل فقط بل امتد إلى كل ارجاء العالم وعرفته الدول،دور كبير قامت به سفارات المملكة وقنصلياتها وجهد جبار ومشكور تمثل بإجلاء آلاف الرعايا من بعض الدول على نفقتها سارعت فيه الزمن وسبقت كل الدول، ومن لم يستطيع العودة وقتها أسكنته أفخم الفنادق والمنتجعات وطببته في احسن المصحات، وهذا ما لم تقوم به الدول التي كنا نحسبها عظمى.
كانت وستظل المملكة سند الأمة العربية وهذا ما قيل لي هنا وما نفخر به وستكون الأفضل والأنجح والأقدر على تجاوز فترة التحولات بكل نجاح واقتدار.
عبدالرحمن عون.