بينما كنت قاعد في احد المجالس التي ضم مجموعة من الأصدقاء، اخذ احدهم وكان مولع ببرامج عالم الحيوان، يصف لنا عجائب الاخطبوط وكيف انه يغير لونه بسرعة فائقة، ولديه ثلاثة قلوب كما ان بعض انواعه لديه سماً قاتلاً و طرق لمناورة والنيل من أعدائه بذكاء كبير. المعلومات لم تكن جديدة بالنسبة لي وذكرت اكثرها في روايتي السابعة "لغز الاصهب" وبالذات حول اخطبوط ذو الحلقات الزرقاء وكيف ان كميه بسيطة من سمه، تقتل عشرة رجال. هنا انبرى له صديق اخر وقال له: بل اعجب المخلوقات هو الجمل، سفينة الصحراء الذي زود العرب بالغذاء والماء وساعدهم لاجتياز الصحاري و كيف تكيف جسده بشكل عجيب مع حرارة الصحراء القاتلة او شكل عيناه وفمه وكيف استطاع ان يخزن الماء وتناول اشرس الغذاء. دخل الاثنان في مناظرة في علوم الطبيعة حتى قال الأخير: يا أخي يكفي قول القرأن الكريم " افلا ينظرون الى الابل كيف خلقت" صدق الله العظيم وهنا انتهى النقاش.
اؤمن في قرارة نفسي ان خلق الله كله معاجز، طيراً ام نبات ، عاش في أعماق البحار او في جوف الأرض، و رحم الله الدكتور مصطفى محمود كيف نشر مقاطع لمخلوقات صغيرة تبين قدرة الله عز وجل فهناك من المخلوقات العجيبة التي يتحفنا بها علماء الطبيعة من فترة لأخرى والغريبة دوماً. ذُكر الجمل في القران الكريم لكونه قريب من قريش، فيمكنهم رؤيته و التفكر بعجائب خلقه بينما لو ذكر مخلوق اخر لم يروه من قبل، لما اتضحت الفكرة و استحال فكرة الاستفادة منه. لذا ذكر الجمل ليس نهاية للتدبر في مخلوقات الله المتنوعة، بل بداية للتفكر في ابداع الخالق في كل مخلوقاته وخاصة التي يراها الناس اول مرة. ومن القصص الطريفة ان محمد علي باشا اهدي ملك فرنسا شارل العاشر " زرافة" و فرح بها الملك جدا وجميع الفرنسيين فهذه كانت المرة الأولى التي يشاهدون هذا المخلوق الجميل حتى نظم به الشعراء و رسمه الفنانون واستلهمه مصممي الموضة . ظلت الزرافة في حضن الملك ثم حديقة الحيوان و زراها ستة مئة الف شخص حتى ماتت وتم تحنيطها وهي موجودة حتى يومنا هذا في متحف تاريخ الطبيعة في "لاروشبيل" بفرنسا تحت اسم " الانسة زرافة".
الله سبحانه و تعالي اودع كل كائن، الطبيعة التي تلائمه. ومن ثم استفاد منه البشر الذين اقاموا في تلك المنطقة من العالم. فالجمل لن ينفع في بيئة جبيلة او ساحلية او غابات كما فعلت بقية الحيوانات والعكس صحيح. من المهم جدا تعليم أطفالنا التفكر في مخلوقات الله و يا حبذا لو كلف كل طالب و طالبة بكتابة بحث متكامل و القاء كلمة عن أي مخلوق يختارونه وهكذا ننمي حب الطبيعة لدى الأجيال القادمة واحترام قوانينها