عندما بدأ الدكتور احمد خالد توفيق بكتابة القصص المختصة بالخيال العلمي و الفانتازيا، قوبل باهمال كبير و لولا دعم الدكتور نبيل فاروق لتوقف عن الكتابة في هذا المجال. حتى يومنا هذا نجد عدد من يخوض غمار هذا المجال ، اي الخيال العلمي، قليل جداً و حتى لو غامر بهذا فلسوف يواجه جمهور خجل مقارنة بمن يكتب في الادب التاريخي او التراجيديا او الدراما و حتى الكتابة الرومانسية. الأمر لم يتوقف عند القصص الخيالية بل حتى ارقام الاختراعات العربية الموثقة في بلاد العرب ، تحمر خجلاً أمام الارقام الفلكية لدى دول الغرب و دول شرق اسيا و عمالقة الاقتصاد مثل الصين والهند و روسيا. فما السبب؟
يقسم العلماء الدماغ لجزئين، ايسر وايمن. الجزء الايسر هو الجزء المنطقي من الدماغ و فيه تجد الارقام الحسابية و الذاكرة اللغوية. بينما الجزء الايمن من الدماغ ، مسؤول عن الجزء الابداعي والتخيلي من الدماغ. مثلا: ان تعرفت علي شخص قوي بالذاكرة اللغوية و يحفظ الاشعار والمفردات اللغوية و صاحب مصطلحات كثيرة ، فغالبا يستخدم الجزء الايسر. بينما يركز الجزء الأيمن على الافكار الجديدة الغريبة" الشطحات" ان صح التعبير. من الجزء الايمن تبزق الحلول المبتكرة والاختراعات والافكار الغريبة وحتى المجنونة. عندما بدأت تجارة و بيع الايسكريم تنتشر في امريكا بشكل كبير و خاصة في الصيف، انذرت الحكومة الامريكية الجهات المعنية بانتاج الايسكريم، انها بصدد توجيه ضريبة جديدة كبيرة عليها، لما تسببه مخلفات الايسكريم، واعني هنا العلب الورقية، من تلوث للبيئة. اجتمعت الشركات لحل هذه المشكلة و شكلت لجنة من رواد تلك الصناعة لايجاد حل يرضي جميع الاطراف. استخدمت اللجنة اسلوب العصف الذهنبي "brain storming" لتوثيق الحلول و ظلت تطرح ثم تفند و ترفض حتى صاح احدهم" تبا ليأكلوا تلك العلب" . حينها بدت الفكرة مجنونة تماما، لكنها دّونت كما دّون غيرها. في الاجتماع التالي حلل الجميع الافكار المجنونة التي طرحت ومنها" اكل العلب" وهنا ولدت الفكرة " لما لا نستخدم البسكوت بدلا من العلب الورقية! وهنا جاءت فكرة ، وفرت على تلك الشركات الملايين واستمتع بها الملايين. من اين جاءت تلك الفكرة؟ من الجزءالايمن ام الايسر من الدماغ؟ طبعا جاءت من الايمن.
هل تتخيلون ماذا رد المستثمرون امام فكرة هاتف نقال بدون ازرار؟ او افكار النانو لزيادة الزراعة او الاستفادة من الطاقة الشمسية بصور افضل؟ ان كل الافكار الجديدة تحتاج الى فكر جامح و جديد لتبزق في الافاق،"شطات" لمسح الغبار عن الدماغ وتجديد اسلوب التذكير و الحياة.
الجهات التعليمية لابد ان تلتفت باهتمام لتنشيط اسلوب التفكير لدى الاطفال والتلاميذ و بذر في عقولهم التواقة للنهوض بشكل كبير حتى يعمل الجزء الايمن من الدماغ بكامل قوته. الخطوة التالية هو احتضان هذا المفكر والمخترع و تنفيذ افكاره بعد دراسة جدواها على ارض الواقع. بدون خيال لن ينهض العرب ولن يواكبوا موجة التطور التي اجتاحت العالم