.
تضيءُ وكلُّ الكونِ حولَكَ أخضرُ
ويُنثرُ في الأرجاءِ مِسكٌ وعَنبرُ
وتهمِي القوافي الصَّافناتُ ضوامِراً
ويجري بما في لُجَّةِ القلبِ أشقَرُ
فيا وطني من أينَ أبتدئُ الرُّؤَى
وها أنتَ من كلِّ القصائدِ أكبرُ
على كفِّكَ البيضاءِ تُثمرُ نخلةٌ
ومن وجهِكَ الحنطيّ ينداحُ كوثرُ
شَربناكَ عِشقاً في المساءِ مُعتَّقاً
وحُبّكَ في وجهِ الصباحاتِ يُبذَرُ
هواؤكَ ترياقُ العليلِ وطبُّه
وروضُكَ فتّانٌ ورملُكَ سُكّرُ
وتزدادُ في عينِ المحِبِّ جلالةً
ففي كلِّ يومٍ أنتَ في القلبِ تَكبُرُ
وتهفو قلوبُ الخَلقِ نحوَكَ لهفةً
فأنت لها روحٌ وروضٌ ومِنبرُ
تبادلكَ التحنانَ شَوقاً وبهجةً
فغيماتُها بالحُبِّ والعِشقِ تُمطِرُ
إذا اقترفتْ كفُّ الضٍَلالِ رزيةً
فدونكَ آسادٌ وسِربٌ وعَسكرُ
وننقشُ في سِفرِ الخلودِ ملاحِماً
تظلُّ مدى الأعوامِ بالعزِّ تُزهِرُ
ونفديكَ بالأرواحِ ياخيرَ موطنٍ
فما راعَنا أمرٌ - بليلٍ - مُدبَّرُ
" تمرُّ بك الأعداءُ كلمَى هزيمةً "
وفجرُكَ وضّاءٌ وليلُكَ مُقمِرُ
جنودُكَ باعُوا الروحَ دونَكَ رغبةً
على صهواتِ المجدِ صلّوا وكبَّروا
ويشمحُ سلمانُ العروبةِ عِزّةً
فما غيرُهُ في الأرضِ يَنهى ويَأمرُ
وترنو إلى الجوزاءِ عينُ محمدٍ
إذا نابَ خطبٌ فهو ليثٌ غضنفرُ
فَدُمْ شامخاً ياموطنَ النَّورِ في المدى
ليزهو على الأرجاءِ "خفّاقُ أخضرُ"